الدستور واشكالية العلاقة النفطية بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان

 ماهي ابعادها السياسية والاقتصادية؟

د. كمال البصري        والاستاذ مضر السباهي

المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي

شباط 2014

الدستور واشكالية العلاقة النفطية بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان:

ماهي اثارها وابعادها السياسية والاقتصادية؟

سببت الاشكالية ارباك مستمر في  ادارة الملفات الاقتصادية واحتقانات سياسية تهدد وحدة النسيج الوطني العراقي. الدراسة هي مدخل للموضوع وتبحث اولا في المبررات لاعتبار النفط ثروة سيادية وصناعة ستراتيجية، وثانيا كيف تعامل الدستور مع النفط من حيث الملكية وصلاحية ادارته ، وثالثا نوضح ان استبعاد الدستور للنفط من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية قد افرغ محتوى بعض الصلاحيات الاتحادية من مضمونها، ورابعا : نتناول الاثار الاقتصادية والسياسية للغموض الذي يكتنف النصوص الدستورية الخاصة بالنفط .

اولا: هل النفط العراقي ثروة سيادية – ستراتيجية؟

لاشك ان النفط يمثل للعالم اهمية كبيرة باعتباره مصدراً رئيسيا للطاقة والافضل اقتصاديا، وبسبب شحة  العرض بالنسبة للطلب فتتزايد اسعاره من عام الى عام، الى جانب ذلك فالنفط له خصوصية اخرى  للاقتصاد العراقي منها:

•أ‌-                  ان ثروة النفط ملك لكل العراقيين من الجيل الحالي ومن الاجيال المقبلة، فعليه يجب ان تتصرف حكومة ممثلة للشعب  تصرفا حكيما تجاهه بما يضمن ديمومته وتحقيق عدالة توزيع عوائده.

•ب‌-               يحتل العراق مكانة متقدمة في حجم الاحتياطي النفطي العالمي (تسلسل العراق هو الخامس)، وكما نعلم ان النفط بالحسابات السياسية العالمية له مكانة خاصة باعتباره مصدرا رئيسيا للطاقة، لذلك تحاول الدول الصناعية الكبرى استقطاب الدول المنتجة تجاهها. حاليا تتحدد مكانة العراق عالميا لا بكونه دولة حضارت كما يشير التاريخ ولا لانه دولة  زراعية او صناعية، بل لانه يمتلك ثروة النفط.  لتعزيز مكانة العراق عالميا فالامر يتطلب قيام الحكومة الاتحادية ادارة ثروة النفط .

•ت‌-              ان النفط له مكانة خاصة للعراق يختلف شانها بالنسبة للدول الاخرى، فهو حاليا المصدر الرئيسي لتمويل مشاريع الاعمار والتنمية، ولذلك من الضروري ان يدار النفط من قبل ادارة حكومية حازمة غير قابة للابتزاز السياسي من قبل الفرقاء. في الخمسينات تم تخصيص 70 % من ايرادات النفط للمشاريع العمرانية والتنمية الاقتصادية.  فكان لزاماً استغلاله استغلالا وطنيا مناسبا،  فلا يجوز الافراط  في انتاجه تحت اي ضغوط حتى لو كانت دولية، اذ يجب ان يتحدد سقف الانتاج بالمتطلبات الاقتصادية وفي ضوء تطور انتاج مصادر الطاقة البديلة.

•ث‌-               اضف الى ما تقدم ان النفط للعراق مادة اساسية لقيام الكثير من الصناعات البتروكمياوية التي يمكن ان تعزز مكانة العراق الصناعية والزراعية وترفع من قدراته العالمية التنافسية المتدنية، والحقيقة ان القيمة الاكبر للنفط في تصنيعه وليس بمجرد انتاجه.

•ج‌-               حاليا يشكل النفط 95% من الايرادات العامة، لذلك فهو مسؤول: عن تشغيل اكثر من 3 ملايين فرد، واعالة اكثر من 19 مليون شخص، اضافة الى جمهور المتقاعدين والمعتمدين على شبكة الحماية الاجتماعية، وعن تمويل المشاريع الحكومية التي تساهم بتكوين ثلثي الناتج المحلي الاجمالي. تسهم سيولة النفط في تحريك القطاع الخاص الذي يمثل الثلث الاخر للناتج المحلي الاجمالي.  تقدر نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي الاجمالي باكثر من 50%.

•ح‌-            ان صناعة النفط حاليا تتطلب التعاقد مع الشركات الاجنبية للحصول على الامكانات والتقنيات الحديثة، عند التعاقد مع تلك الشركات يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار كفاءة الشركات والبعد السياسي لها، وبما يعزز استقرار العراق.  ان اعتماد وجود متوازن للشركات الاجنبية يجب ان يكون هدفا  بحد ذاته، ويعني ذلك اعتماد وجود متوازن للمصالح الاجنبية في العراق.

•خ‌-            من الواضح ان عملية التنقيب والاستخراج لها أبعاد سياسية مع دول الجوار الجغرافي لوجود تداخل بين الحقول النفطية كما هو الحال بين العراق من جهة وايران والكويت من جهة اخرى،  فحقول البصرة وميسان متداخلة مع الكويت وايران، وهذا التداخل يتطلب ادارتها من قبل الحكومة الاتحادية وليست الادارات المحلية.

•د‌-              ان هناك تداخل بين الحقول في المحافظات العراقية، ولا يتوقف هذا التداخل على الأنتاج بل يشمل عمليه التسويق والنقل. فتنافس المحافظات على زيادة الانتاج يفضي الى التنافس على جذب الشركات النفطية الاجنبية بما يضعف قوتها لصالح الشركات الاجنبية، وبنفس القوة سيفقد العراق قوته التنافسية. عليه من الضروري العمل على ادارة شؤون النفط من قبل شركة عراقية متخصصة تعتمد في تشكيلها وادارتها “الحكم الرشيد” لما لها من ابعاد سياسية واقتصادية حميدة.  من الخطأ الفادح ان يخضع النفط كثروة ستراتيجية للتساوم السياسي والمحاصصة اللذان من شانهما الاضرار بالعوائد المالية للنفط. من هنا تبرز اهمية وجود حكومة اتحادية قوية لادارة العمليات النفطية المختلفة وضمن نطاق ستراتيجة متفق عليها.

•ذ‌-             اثبتت الاستكشافات ان النفط والغاز متوفر في اغلب الاراضي العراقية ولكن انتاجهما محصور حاليا على عدد من المحافظات (البصرة، ميسان، الكوت، ذي قار، كركوك، اقليم كردستان …) وتفتقر محافظات اخرى للانتاج (حاليا البصرة تنتج تقريبا 70% من انتاج العراق). هذا التباين شجع المحافظات المنتجة على المطالبة بحقوق مالية (البترودولار) ان الاعتراف بهذه الحقوق قد يؤدي الى نزاع بين المحافظات. اضف الى ما تقدم ان الحقول النفطية متداخل فيما بينها مما يتطلب ان تدار جميعا من قبل شركة نفط وطنية اتحادية وبذلك تتجنب صناعة النفط الكثير من المشاكل التي تنشأ بسب التنافس على عمليات التنقيب والاستخراج والنقل عبر الانابيب عبر المحافظات المختلفة.

من كل ما تقدم نجد ان مكانة النفط للعراق تختلف عن مكانته في دول اخرى (بريطانيا او ماليزيا او كندا) التي تنعم بتنوع انتاجي اقتصادي، فصناعة النفط ذو خصوصية اقتصادية مختلفة عن بقية الصناعات العراقية، فهي صناعة تختلف عن صناعة الانشائيات والتمور والمواد الغذائية والصناعات الكهربائية … الخ. انها ذات خصوصية اجتماعية حيث يعتمد عليها نسبة من الشعب العراقي غير المنتج في توفير معيشته، وانها ايضا ذات خصوصية سياسية في جمع مكونات العراق المختلفة وفي ربط مناطق العراق ببعضها حفاظا على وحدة الارض.  لغرض الوصول الى حلول موضوعية بعيدة عن عن التشنج بالمواقف وهدر الطاقات علينا ان نفسر الدستور بروح المنطلقات والخصائص التي تتمع بها صناعة النفط.  كما نرى في القسم الثاني (ولنعترف) ان الكيفية التي كتب بها الدستور هي مصدر الازمة التي ستبقى تلاحقنا جاعلة من النفط مصدر للتقهقر والشقاء بدلا من التقدم والرخاء.

ثانيا: الدستور واشكالية ادارة الثروة النفطية:

كتب الدستور العراقي بصيغة حذراً من ان تتكرر التجربة الدكتاتورية، وكان تكيف الدستور لاعتبارات سياسية اكثر منه لاعتبارات اقتصادية، فكان هناك خوف من ان تقع ثروة العراق مرة ثانية بيد الدكتاتورية. وكان ذلك جليا في عدد من مواد الدستور التي منها تلك التي رجحت راي الاقاليم والمحافظات على الحكومة الاتحادية، وفي عدم شمول ادارة النفط  بالصلاحيات الاتحادية الحصرية، (الامر الذي اصرت عليه الزعامة الكردية)، وعليه فقد جاءت المواد الخاصة بالثروة النفطية بما يلي:

–  المادة 111: حددت ملكية النفط والغاز بانها ملك للشعب العراقي، وبذلك فان عائدية النفط لجميع المواطنين. السؤال من هو المفوض من قبل الشعب لادارة واستغلال الثروة النفطية؟

– المادة ( 112 ) فجاءت بفقرتين :

– (اولا): تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول ( الحالية) مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع  وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون. 

– (ثانيا): تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الإستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب.

يبدو جليا من المادة 112 (القسم الاول) ان الادارة المشتركة تتسع فقط للنفط المستخرج من الحقول المنتجة حاليا، اما شؤون الحقول المستقبلية والعمليات الاستكشافية فهي عند بعض المفسرين تقع ضمن إختصاصات الاقاليم والمحافظات،على اساس كونها غير منصوص عليها في “الصلاحيات الاتحادية الحصرية” ولا من “صلاحيات مجلس الوزراء” . ووفقاً للدستور (المادة  115 ): كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما. اما (القسم الثاني) فتشير الى مشاركة الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات برسم السياسات الاسترتيجية ولا يتعد الى تنفيذها (المصدر: القاضي عبد الرحيم العكيلي: النفط والغاز في الدستور العراقي، دراسة قدمت للمعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي في ورشة ازمة العلاقة النفطية بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، كانون الثاني 2014 )

ان النصوص التي جاء بها الدستور خلقت اجتهادات وتفسيرات وفق للمنطلقات التي تتبناه الكتل السياسية، ولا شك ان هذا الاختلاف متوقع بسبب الصياغات في الدستور. لقد قامت المنظمات الدولية بالاشارة اليها واعدت العديد من الورش لاثارة الموضوع والتخطيط لوضع حد للخلاف من خلال تصحيح الدستور او من خلال طرح صيغة لقانون النفط تهدف الى فض النزاع.

العجيب بان الدستور اعتبر من الصلاحيات الحصرية للسلطة الاتحادية (المادة 110)  الامور التالية:  رسم السياسة الخارجية، التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها، ورسم السياسة الاقتصادية، رسم السياسة التجارية الخارجية، ورسم السياسة المالية، ورسم السياسة الكمركية، واصدارالعملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق، و وضع الميزانية العامة للدولة، و رسم السياسة النقدية. عند تفحص كل من هذه الصلاحيات نجد ان العمود الفقري والاساس في كل منها هو النفط. السؤال هو: ما قيمة تخطيط السياسة الاقتصادية او اعداد الموازنة العامة اتحاديا بعيداً عن صلاحية تخطيط وتنفيذ السياسات النفطية؟ اضف الى ذلك ماقيمة الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تستبعد النفط؟ أيصح ان تتعاقد البصرة مع دولة اخرى كما حصل في تعاقد اقليم كردستان مع تركيا؟!

ثالثا: ماهي الاثار الاقتصادية والسياسية

شكلت اشكالية النفط احتقانات مستمرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان وتركت بصماتها على تأخر اعداد واقرار الموازنة الاتحادية سنويا، وايقاف تدفقات النفط عبر الاقليم الى تركيا، وقيام حكومة كردستان (بعيدا عن علم الحكومة الاتحادية) بالاتفاق مع الحكومة التركية لمد انبوب نفطي لنقل النفط (التي هي من اختصاص الحكومة الاتحادية حصرا بحسب “المادة 110”) .  من ابرز التداعيات الاقتصادية هي :

أ.  مشكلة عدم تكافؤ عوائد البرميل الواحد: قامت حكومة اقليم كردستان (بعيدا عن علم الحكومة الاتحادية)  بتوقيع  اكثر من 45 عقدا للاستكشاف والتطوير، وكانت طبيعة هذه العقود المشاركة في الانتاج. وترى الحكومة الاتحادية بان غياب شفافية هذه العقود حال دون الاعتراف بها ومن ثم القبول بدفع تكاليف استخراج النفط ضمن هذه العقود ( وقد ايدت منظمة شفافية الصناعات الاستخراجية حقيقة الامر بتقريرها الصادر 2013 ).  تقدرالطاقة الانتاجية لحقول الاقليم (300) ألف برميل يوميا بحسب تصريح وزير الثروات الطبيعية في كردستان، في حين ان بيانات الاقليم التي تقدم للحكومة الاتحادية تؤشر (175) ألف برميل يوميا، وعليه فهناك فرق قدره (125) ألف برميل يوميا.  من جانب اخر قيام حكومة الاقليم بتحديد مساهمتها بالايرادات العامة الاتحادية بأقل من المحافظات الاخرى المنتجة.  فلو تم افتراضاً سعر بيع النفط 100$ للبرميل الواحد فان حكومة الاقليم تساهم بـ 70%، ويحتفظ بـ 10% كريع  و20% للشركات المنتجة، بينما تساهم المحافظات المنتجة للنفط بـ 96%، وتحتفظ بـ  2% كتكاليف انتاج و 2% حصة المحافظة المسماة بـ”البترودولار” .  (المصدر : الرسالة المفتوحة الى مجلس النواب في 4 اب 2012 من قبل الخبير النفطي حسين محمود المهيدي)

ب.- قادت وشجعت ممارسات الاقليم الى مطالبة المحافظات المنتجة بعوائد اخرى سميت “بترودولار”

تحت ادعاء بان هذه العوائد ضرورية لتغطية التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المتحققة من انتاج النفط متمثلة: بالاندثارات في البنى التحتية، والضيق في مساحة الاراضي المتاحة للاسكان او العمران او الزراعة ومشكلة التلوث  … الخ.  حاليا تطورت هذه العوائد من 1$  الى 5$ لكل برميل. ان تحديد 5$ كتعويض عن الاضرار وما شابهها غير واضح، لاننا لا نعرف حجم الضرر الحاصل والمتوقع وقد يكون ثمن بخس او وافر!! كان الاحرى ان يكون المبلغ نسبة من سعر البرميل لان اسعار النفط متذبذبة كما حصل في الازمة المالية العالمية عام  2008 حيث انخفظ سعر برميل النفط  وانخفضت الايرادات النفطية مما اضطرت الحكومة الى خفض نفقاتها. ان القبول بهذا الامر يشجع المناطق الاخرى التي لها مرافق عامة كمحطات انتاج الطاقة الكهربائية، الموانئ، معسكرات الجيش  …الخ على المطالبة بتعويض الاضرار على غرار البترودولار.  المشكلة الاخرى هي ان بعض المحافظات ليست لها مرافق عامة ومن ثم تحصل على ايرادات اقل خلافا لمبدأ الدستور في التوزيع العادل للايرادات النفطية.  لهذا لاشك ان هذا الامر سيكون مصدر قلق جديد يهدد بنزاع سياسي يصعب ان تعرف مدياتها.

من جانب اخر ان الذي يرى تعويض المناطق المنتجة بسب الاثار السلبية المتحققة لا ياخذ بنظر الاعتبار الاثار الايجابية لوجود شركات التنقيب والانتاج على اقتصاديات المحافظات المنتجة.  ان وجود الشركات النفطية العالمية لها اثار في استقطاب شركات اخرى خدمية مساعدة، وان اثار ذلك تنعكس على العمالة والطلب على المنتجات المحلية.  فمن الناحية القانونية ان تشريع قانون المحافظات الجديد الذي ينص على تخصيص 5$ لكل برميل يتعارض مع نص دستوري حيث نصت المادة ( 13 ) من الدستور :- ( اولا :- يعد هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق ويكون ملزما في انحائه كافة بدون استثناء . ثانيا :- لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ويعد باطلا كل نص يرد في دساتير الاقاليم او اي نص قانوني اخر يتعارض معه ) .

ان الابعاد السياسية للاشكالية داخل العراق تتجسد بميل المحافظات المنتجة  للنفط السلوك بمسلك الاقليم. ان نزعة الاقاليم تتطلب وجود حكومة مركزية  قوية تستطيع ان تفرض سيادة القانون، وبعكسه ستكون النتائج في غير صالح وحدة العراق كدولة قوية ذات سيادة.  فان مضي الاقليم بهذا الاتجاه يستلزم تعزيز الاقليم علاقته السياسية بتركيا التي هي الاخرى مستعدة ان تطور علاقتها مع الاقليم مقابل تخليصها من الازمة الكردية الداخلية، ومقابل ان يزداد دور تركيا في ايصال النفط والغاز الي اوربا. من جانب اخر حصول البصرة على استقلاليتها في السياسة النفطية يتطلب بناء علاقة اقتصادية مع ايران للاستفادة من خبراتها. اما المنطقة الغربية فسوف تجد نفسها على حالة لا تحسد عليها وقد تجد بناء علاقة مع السعودية او الاردن امرا ضروريا .

وللحد من التداعيات السياسية والاقتصادية التي افرزتها صياغات الدستور، لا بد اولا  من الركون الى تشريع قانون للنفط والذي بموجبه يعتبر النفط ثروة سيادية و صناعة ستراتيجية من اختصاص الحكومة الاتحادية بشكل رئيسي على ان تتعاون مع المحافظات او الاقاليم في تخطيط السياسات، وثانيا بتفعيل المادة الدستورية للمادة (106) التي تنص” تؤسس بقانونٍ، هيئةٌ عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، وتتكون الهيئة من خبراء الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات وممثلين عنها” والتي بموجبها يمكن تشريع قانون النفط والغاز والذي بموجبه يتم تأسيس الهيئة. اما موضوع تعويض المحافظات المنتجة فييجرى تعويضها اتحاديا من خلال تقدير حجم الاضرار او الخسائر المتحققة.

_____________________________________

المصادر:

1 – القاضي عبد الرحيم العكيلي: النفط والغاز في الدستور العراقي، دراسة قدمت للمعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي في ورشة ازمة العلاقة النفطية بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، كانون الثاني 2014 .

2- الاستاذ كامل المهيدي: قراءة في عقود أقليم كردستان النفطية: مقارنة مع عقود كردستان، 3 اذار 2012

 

Comment here