حل شركة الخطوط الجوية العراقية: الخيارات المتاحة

أعلن مجلس الوزراء العراقي 25-05-2010 حل شركة الخطوط الجوية العراقية وبيع جميع أصولها، وتحديدا اسطول الطائرات.  وجاء القرار نتيجة لمحاولات دولة الكويت للحصول على تعويضات عن الطائرات المسروقة خلال الغزو العراقي للكويت في عام 1990 . وكانت الكويت قد أستحصلت قرار قضائي يجبر شركة الخطوط الجوية العراقية دفع التعويضات

لمحة تاريخية

خلال الغزو العراقي عام 1990 على الكويت، تم الاستيلاء على 10 طائرات تابعه للخطوط  الكويتية والتي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار.  وفي ذلك الوقت اعتمد مجلس قيادة الثورة في العراق قرار بحل الخطوط الجوية الكويتية ونقل جميع ممتلكاتها في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الطائرات العشر لصالح شركة الخطوط الجوية العراقية.  ويعرف هذ القرار  369 ، واخذ حيز النفاذ في 17 أيلول / سبتمبر 1990.      وبعد احتلال العراق عام 2003،  استانفت الخطوط الجوية العراقية بعض عافيتها، وعلى أثر ذلك قامت الحكومة الكويتية في عام 2004  بأستحصال أمر من المحكمة العليا البريطانية والتي منحت شركة الخطوط الجوية الكويتية حق الاستيلاء على أي من طائرات الخطوط الجوية العراقية أو دفع مبلغ 1.2 مليار دولار (مبلغ التعويضات). علما بان الحكومة العراقية الحالية قد اكدت سابقا ان 10 طائرات الكويتية التي تم الاستيلاء عليها من قبل النظام السابق (خلال حرب الخليج الأولى)، قد تم ارجاع 6 منها وان ال 4 طائرات المتبقية دمرت في غارة جوية على مطار الموصل.

من الجدير بالذكر أن لجوء الكويت الى المحاكم البريطانية وعدم اللجوء الى الامم المتحدة يعود الى ان النزاع قانونيا هو نزاع بين شركتين (العراقية والكويتية) وانه  يقع ضمن مساحة عمل القضاء البريطاني.  وقد حاولت الخطوط الجوية الكويتية بإقامة دعاوى قضائية مماثلة في بلدان أخرى، من ابرزها محاولة الكويت الاستيلاء على 10 طائرات جديدة والتي استوردها العراق من كندا.  الا ان المحاكم الكندية اصدرت قرار ليس في صالح لخطوط الجوية الكويتية،  بسبب الشراء (قانونيا) تم من قبل الحكومة العراقية وليس من قبل شركة الخطوط الجوية العراقية نفسها.   

الآثار القانونية
في 30 نيسان 2010 وبعد ان هبطت اول طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية في لندن، تم إصدار أمر قضائي بريطاني بالاستيلاء على الطائرة والتي كانت مؤجرة في ذلك الوقت من شركة سويدية. وحيث ان الشركة غير قادرة على تحمل مبلغ 1.2 مليار وغير قادرة على العمل في محطة جوية عالمية مثل مطار هيثرو في المملكة المتحدة والذي يعتبر محور للرحلات الدولية.  فإن الخيار الوحيد القابل للتطبيق من قبل الخطوط الجوية العراقية وهو ان تعلن الشركة عن حل نفسها وتصفية أصولها الرأسمالية ” اسطول الطائرات”

من الخيارات المتاحة الأن ان هناك ثلاثة حلول ناجعة للتعامل مع اسطول شركة الخطوط الجوية العراقية، ولكنها جميعا تتأثر بمقدار أتباع الشفافية في الممارسات الادارية والمالية.  وان أي من هذه الحلول التي ستؤدي إلى  خسارة في القيمة الدفترية للطائرات.  ولكن هذه  الخسارة اقل من: قيمة التعويض لشركة الخطوط الجوية الكويتية، أو “تكلفة الفرصة البديلة” المتمثلة بالاضرار المترتبة على توقف العوائد المحدودة الحالية.

الحل الأول: اقامة مزاد لاسطول الطائرات،  وهو اجراء يتصف بالسرعة ويتمع بالشفافية بقدر كبير وينجز باقل الجهود.

الحل الثاني:  يتجسد بتقييم الاصول الرأسمالية من قبل جهة مستقلة او محايدة، بعدها يتم طرحها في السوق للبيع . ويتضمن هذا الحل تأخر نسبي في التعامل مع الموجودات اذ انه يتطلب الانتظار الى ان تحصل الخطوط الجوية العراقية على العروض المناسبة من قبل شركات الطيران و القطاع الخاص.

الحل الثالث: ويتمثل ببيع شركة الخطوط الجوية العراقية أسطولها إلى “شركة قابضة”، وعلى ان تقوم الشركة القابضة بالحفاظ على ملكية ألاسطول الى حين تأسيس شركة طيران وطنية جديدة خاصة التي من شأنها شراء أسطول من الشركة القابضة وبسعر التكلفة لضمان أن تبقى تكاليف المعاملات إلى الحد الأدنى.

 

تأسيس شركة طيران جديدة
الحل الامثل لتأسيس شركة طيران يستند إلى تاسيس شركة خاصة تحمل اسم سيادي عراقي وتمثل المصالح الوطنية. وبالنظر الى التعقيدات الفنية والمالية المتصلة بتأسيس شركة جديدة ذات سمعة عالمية وفي ظل المنافسة الشديدة في السوق العالمية، فأننا نقترح وبقوة ان يصار التعاقد مع مؤسسات استشارية عالمية (كشركة مكنزي) والسير بهدى الاستشارة العلمية الرصينة.  انها لفرصة ان يعاد بناء الخطوط الجوية العراقية وفق المواصفات الحديثة مستفيدين من التجارب الدولية الناجحة.

ان في دورس الخصخصة العالمية مادة نافعة لمستقبل الشركة العراقية الجديدة، ولعل من ابرزها شركة الخطوط الجوية البريطانية، والتي تعد الآن ثالث اكبر شركات الطيران عالميا، وهو إنجاز لم يكن ممكنا لو ظلت شركة الخطوط الجوية البريطانية بيد القطاع العام.  وهناك مثال أكثر حداثة، يتمثل بخصخصة شركة الخطوط الجوية الكينية في عام 1995.  حيث أقدمت الحكومة الكينية بشأن كيفية خصخصة شركة طيرانها بالاستفادة من الخدمات الاستشارية للتمويل الدولية (IFC)  والتي هي جزء من البنك الدولي.  وتمت الخصخصة من خلال بيع حصة 26 ٪ لشركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية KLM ، وكذلك 51٪ لمستثمرين من القطاع الخاص، واستطاعت الشركة على زيادة قدرتها بالطيران بنسبة 61 ٪  وحققت أرباح كبيرة.  كما أثمر بيع 26 ٪ من شركة الخطوط الجوية الكينية لشركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية الى تزويد الخزانة الكينية بما لا يقل ب 70 مليون دولار، كما تمكنت الحكومة من الحصول على  15 مليون دولار قرض من مؤسسة التمويل الدولية لتحديث اسطولها الحالي من الطائرات.

ان آفاق نجاح تأسيس شركة طيران جديدة كبيرة، لما للعراق من ميزة جغرافية وحدود مع 6 دول تؤهله لان يكون مركزا لخدمة الطيران في منطقة الشرق الاوسط.  اضافة الى وجود طلب قوي ومتميز على السياحة الدينية، ووجود عدد كبير من الجالية العراقية في جميع أنحاء العالم التي تسعى بزيارات منتظمة إلى العراق.

Comment here