دكتور مظهر محمد صالح :سراب الحياة ووهج ظلالها

سراب الحياة ووهج ظلالها

د . مظهر محمد صالح

العمر يجري والحياة تستمر والأيام تمر لاتريد ان تستريح .ففي ارض الرافدين يطل علينا بين حين وآخر قلم لامع وفكر خلاق يفتح مغاليق الأبواب في عصر مضطرب يبحث عن جوهرة المستقبل. انه المفكر والكاتب العراقي الكبيرحسين العادلي. الذي اجد في كتاباته شذرات تلامس في الصميم فلسفة الاجتماع السياسي وهي تتحرك في مرتسم ابعاده الحكم والأمثال الناطقة ومحاكاتها. ولاسيما كشف همجية البعض
من سلوكيات الأمم والمجتمعات التي تبحث عن مجد مستعصي وتقف ضد تيار الزمن المتدفق بذرائع لايتحقق منها اي معنى لوجودها وهي تسير في طريق شاق تظل بوصلته شديدة البدائية.
فعندما يقول العادلي:
الحاكم لدينا نصف (إله)، والشعب عندنا نصف (إله)!! الحاكم ينصّب نفسه معيارا (للحق)، والشعب ينصّب نفسه مقياسا (للحقيقة)!! والطامّة عندما يجتمع النصفان: حاكم مسكون بوهم الحق، وشعب مسكون بوهم الحقيقة،.. هنا يكتمل (إله) الخراب، وتضيع مفاتيح (الحلول).
وأنا أقول:
انه عالم يعيش ظل الحقيقة فالكل يكمل نصفه بظل الاخر الحاكم والمحكوم لبلوغ الوهم الاعظم في عالم مساحته الظلام وآصرته حبال متماسكة من الخداع والكذب وننتظر حتى تشرق الشمس .
ويتناول العادلي فكرة:

«المسرح»قائلاً:

• اكثر ابطال المسارح (احترافا) هم الساسة.

• ساصفّق (لكنّاسي) خشبة المسرح،.. فهم من سيرمي اقنعة الممثلين بعيدا.

• لا حاجة للستائر، المسرحية معروفة، حتى اقنعة (التمثيل) سقطت.

• غريب امر (جمهور) يتفاعل مع عروض مسرحية (مكررة)!!

• لو قدّر للوطنية ان تكون (عرضا) مسرحيا، لقطّعت صوتي من الصراخ.. ضحكا!!

• لا اعرف (الجدوى) من وجود المسرح، والحياة برمتها مسرح بادوار البشر (المقنّعة)!!

• اذا رايت (المخرج) على المسرح، فاعلم ان الابطال ليسوا سوى (ادوار).

وأنا أقول:
لا تتعدى الطاقة العقلية للاغبياء حجم صندوق فارغ مقفل يعيش في عوالم الفراغ باعتداد وثقة واحتراف واسع من التحدي والغرور ، في حين تظل الطاقة العقلية للاذكياء يقظة في صندوق مفتوح لم يملا بكمال المعارف تكتنفه زوابع الخشية والشك في ادراك كينونة الفضاء النظري المطلق وهو يعج بالحقائق المغلفة بعوازل الجهل.!!

ويتناول العادلي متصديا لمعني آخر يأتي تحت مسمى:

«مأوى» قائلاً:

• كما (الزريبة) مأوى القطيع، (فالايديولوجيا) مأوى الطاعة. انّ (لذة) الراعي بالطاعة (اكثر) من لذته بامتلاك القطيع. لذة ان (تأمر فتطاع) لا يفوقها لذة!!

وأنا أقول:

فالتأطير والانغلاق الفكري اسلوب اتبعته الدكتاتوريات على مر الأزمان لتحويل الأفراد الى قطعان ايديولوجية تشبع لذة الرعاة في الامر والنهي لقاء مقايضة الشعب بالعشب ضمن طقوس الطاعة.
ويقول العادلي وبعمق معنى :

«ألِف»
وهي:

• مَن استوطن (الطاعة) ألِف (العبودية)، ومَن ألِف العبودية اعتاد (نظام الحظيرة)،.. انسان (السلطة والأيديولوجيا والطاعة) ألِف الحظائر،.. ومن يألف لا يستشعر (الاغتراب)،.. لا تلوموا (الضحايا) على (اغترابهم)،.. بل لوموا (سدنة) السلطة والأيديولوجيا والطاعة على (مَكْرهم).

وأنا أقول من جانبي :

الألفة نزوع سيكولوجي منتهاه طاعة الفرد المطلقة لمصدر القوة التي تمده بأغطية ايديولوجية مولدة لدفء (التدجين ).انها أغطية الاغتراب وطاقته السالبة واكسير استدامته .واخطر المجتمعات ألفة هي المجتمعات المدجنة بالطاعة والولاء المطلق لمصدر القوة وهي تمسك بشعاع (سالب اللون )ماكر الملمس بلا انقطاع والكل يتحرى نهاية الشعاع لبلوغ شي (موجب اللون ) في نقطة سالبة تسمى اللانهاية !!.لنستمر طرق ابواب انها مازالت مغلقة بالجهل وتمارس الألفة معه.

ختاماً،يقول المفكر حسين العادلي في معنى :

«إن»

• إن أمّرت الظالم فستكون (فريسته)، وإن أطعت الأيديولوجي فستكون (مطيته)،.. وأكبر تيه أن تتبع (الغوغاء)، وأحقر (عاقبة) أن يؤمّك (النرجسي والأحمق والمغامر)،.. ومع (الأقنعة) تستحيل الدنيا برمتها (زيفا)!!.
وأنا أقول من تجربتي الحياتية الشاقة ربما
(إن ) هي تجسيد للعقد السلوكية المتبادلة …!!
فكلنا يعرف (إن )واخواتها هي مجموعة الحروف المشبهة بالفعل التي تنصب المبتدأ وترفع الخبر وتدخل على الجمل الاسمية (فحسب)فتنسخها،
ولكن ظلت (إن )وتفاصيلها منهج تعاطي خطير في الحياة الانسانية وبحقب دامية في بلادي ،وأروي لكم حكايتي التاريخية مع (إن):
اضطررت شخصياً ان ابتعد عن استعمال (إن)خوفا من تناولها في مذكراتي الرسمية لاحد رؤسائي في العمل ذلك في عقود عجاف موغلة بالمخاطر الحياتية ،لخوف الرجل نفسه من(إن) وانفعاله منها أينما وجدت في مراسلات العمل ويرفض المذكرة بعنف اذا ما اكتشف (إن) مازالت تلهو وتلعب وتبحث عن موضع قدم في تلك الأسطر الرسمية ، بل يغتاظ شوطا اينما حطت و بشكل همجي يفقد فيها أعصابه واتزانه !!! وعلى الرغم من ذلك ظلت (إن)محور عقدة الرجل النفسية (في ملاحقة الآخرين وافتراسهم )ولكنه في الوقت ذاته كان يخشى (ان يفترس هو بنفسه من سيده الاشد وحشية وهمجية )وتحقق خوف ذلك الرجل يوم سقطت اقنعة بعضهما البعض وانتهى مصيره بحلبة دموية وطريقة فناء شديدة الوحشية ظلت اداة موتها (إن) !!!! انها (إن) آصرة عقدة الخوف وصراعاتها المتبادلة.
انتهى

Comment here