د. كمال البصري: رسالة مفتوحة الى السيد وزير المالية هشيار زيباري

معالي السيد وزير المالية الاستاذ هوشيار زيباري المحترم

الموضوع / شفافية الموازنة الاتحادية

نهديكم اطيب تحياتنا…

نكتب لسيادتكم راجيا ان يتحقق على عهدكم تطبيق مفردة مهمة من مفردات الادارة الرشيدة للمال العام. لقد نشرت مؤسسة شفافية الموازنة (www. internationalbudget.org )  في 22-01-2013 عن تقييمها لشفافية الموازنات في دول العالم، وكان تسلسل العراق بالنسبة للدول الاخرى متدني (في اخر السلم) ، وهي حالة لا تتناسب مع سمعة العراق كدولة ديمقراطية (من مهامها اطلاع الجمهور على سياسة الحكومة في التصرف بالمال العام)  في العهد السياسي السابق تتعتبر تفاصيل الموازنة امر خاصة بالقيادة السياسية وحدها.

ان حالة ضعف مؤشرات شفافية الموازنة في العراق لا يعود الى وجود صعوبات قانونية او امكانيات فنية داخل وزارة المالية، بل الى عدم ادراك اهميتها واولويتها. لقد سبق للمعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي ان قام في عام 2008  بالتأكيد على ضرورة تبني وزارة المالية مبدأ الشفافية في اعداد وتنفيذ الموازنة الاتحادية،  وفي عام 2010 تم الحصول على تأييد وزير المالية لمناشدتنا، ولكن  اجهزت الوزارة تخلفت عن تنفيذ ذلك !

ان المطلوب ان تضطلع وزارة المالية بنشر جميع الوثائق الخاصة بالموازنة وبشكل متيسر للمواطنين ولكل اصحاب العلاقة واصدار كتيب موازنة المواطن الذي يوضح الموازنة الاتحادية بشكل مبسط لكل المواطنين (في العام الماضي قام المعهد متطوعا بأصدار “موازنة المواطن” وتم اهدائها للوزارة ولم تجد مبادرتنا اي صدى من قبل وزارة المالية).

أن غياب شفافية الموازنة يتنافى مع روح الدستور (الذي  ينص على ان المال العام ملك للمواطنين)، ومع التعهدات الدولية للعراق بشفافية المعلومات. ان غياب الشفافية ساهم في عدم كفاءة استخدام المال العام، وثم اتساع الفجوة بين الموطن والنخبة السياسية. ان المطلوب عمله ببساطة هو نشر المعلومات التي تصدرها وزارة المالية سنويا وبحسب قانون الادارة المالية وعلى الموقع الالكتروني للوزارة.

حاليا يتعذر على الجامعات ومراكز الابحاث عن الاستفادة من الموازنة للمساهمة في اعداد دراسات الاصلاح الاقتصادي، فعلى سبيل المثال وجه المعهد اكثر من طلب الى وزارة المالية لتوضيح مقدار الدعم الحكومي للطاقة وبالاخص المشتقات النفطية … وكالعادة تهمل مثل هذه الطلبات!!

ان استمرار تدني مؤشر شفافية الموازنة الاتحادية، الى جانب ارتفاع مؤشر الفساد، وتخلف مؤشرات الاعمال الاقتصادية التي تصدرها المؤسسات الدولية( Doing Business Survey)  سوف يحرم العراق من فرص استثمار الشركات الرصينة في الاقتصاد العراقي وهو امر يساهم في اعاقة نقل تكنولوجيا والممارسات الادارية المتقدمة لتطوير  القطاع العام والخاص على حد سوأ.  علاوة على ماتقدم ان الشفافية هي احداى مفردات الادارة والحكم الرشيدة الضرورية لدعم سيادة القانون ومحاربة الفسادة ورفع كفاءة الاداء العام،  وبغير ذلك يصعب ان يتحقق تقدم في تطبيق الادارة الرشيدة ورفع مؤشرات الأتمان العراقي عالميا.  ولكي لاتتكرر تجربة السنوات الماضية نوصي بقيام وزارة المالية بأعتماد اصدار الوثائق المالية التالية ( كما نص عليها قانون الادارة المالية):

 أ‌-  تقرير ماقبل إعداد الموازنة (إستراتيجية الموازنة):الذي يتضمن عرض أهداف السياسات الاقتصادية والضريبية للحكومة على المدى  المتوسط و البعيد،  ويوضح توقعات الإيرادات والنفقات والعجز أو الفائض والدين ، (ويجب أن ينشر هذا التقرير قبل شهر على الأقل من تقديم مشروع الموازنة).

ب‌-    التقارير الشهرية : تظهر التقارير الشهرية مدى التقدم في تطبيق الموازنة، كما يجب أن تصدر في غضون ((ثلاثة أسابيع)) من نهاية كل شهر، تتضمن مقادير الإيرادات والنفقات في كل شهر وفي المدة التي مرت من العام حتى تاريخ إعداد التقارير ويجب مقارنة الأرقام بما هو متوقع من الإيرادات ونفقات شهرية، كما يجب أن تتضمن التقارير المعلومات عن النشاط ألاقتراضي للحكومة.

ت‌-    تقرير منتصف العام: يقدم هذا التقرير فكرة شاملة عن تنفيذ الموازنة وأداء الموازنة للسنة الجارية وللسنتين الماليتين التاليتين على الأقل، ويجب أن تصدر في غضون ستة أسابيع من نهاية النصف الأول من السنة المالية، يتضمن هذا التقرير مناقشة شاملة للموجودات والمطلوبات المالية الحكومية والموجودات غير المالية ومخصصات رواتب المتقاعدين والطوارئ، أن الإفصاح عن تأثير إي قرار حكومي، أو إي ظروف أخرى من شانها أن تترك أثرا ماديا على الموازنة.

ث‌-    تقرير نهاية العام: هو وثيقة المساءلة الأساسية للحكومة ويجب أن يخضع للتدقيق من قبل أعلى مؤسسة في مجال تدقيق الحسابات وان يصدر في غضون ستة اشهر قبل نهاية السنة المالية.  يظهر التقرير مدى الالتزام بمستوى  الإيرادات والنفقات التي اقرها البرلمان في الموازنة وأي تعديل على الموازنة الأصلية خلال العام، وان يقدم على الصيغة المطابقة تماما لصيغة تقديم الموازنة.  كما يتضمن التقرير الوثائق المتعلقة بالأداء غير المالي وأهداف النتائج الفعلية التي تم انجازها، عرض بيانات النفقات بصيغ إجمالية واقتطاع الدخل المخصص وتكاليف المستخدمين بشكل واضح، عرض بيانات الأنفاق حسب الجهة الإدارية، ومناقشة شاملة للموجودات.

اخذين بنظر الاعتبار تأكيد قانون الادارة المالية والذي ينص بصريح العبارة على ثلاث فقرات منفصلة مع مراعاة الشفافية في اعداد الموازنة وتنفيذها، وقد يعتبر عدم مراعاة الموضوع دون مبرر مخالفة للقانون.

كلنا امل ان تجد رسالتنا تعاطفكم  ….

تقبلوا فائق التقدير والاحترام

Comment here