مقترح لدولة رئيس الوزراء: التكنوقرط والمشاركة الوطنية بالاصلاحات

اتسعت رقعة الحديث عن تعثر وتأخر عملية الاصلاح، لتشمل ايضا غياب ألرؤية الحكومية والضرورية لرسم خارطة طريق للاصلاحات، ووصل الحديث الى التشكيك بكفاءة الجهاز الحكومي لادارة الاصلاحات لإستشراء  المحاصصة على الكفاءة في جميع مؤسسات الدولة العراقية. إزاء ما تقدم إنبرت مجموعة ألكفاءات العراقية بمقترح للحكومة يتناول ضرورة تشكيل فريق وطني يضم الكفاءات العراقية ويعمل بروح المواطنة الصالحة (العمل الطوعي) ويهدف تناول الاصلاح بشكل موضوعي وانتشاله من مستنقع التنافس السياسي.

تأتي اهمية المقترح من أن العراق منذ التغيير السياسي عام 2003 قد عانى من أزمات متنوعة ألقت بظلالها ألحالك على الأداء الحكومي، حيث تم تصنيف الحكومة في العراق بالأدبيات السياسية العالمية بأنه أحد  أضعف الحكومات. فإن هبوط أسعار النفط وأثرها (وأثره ) البالغ على الايرادات العامة وظهور داعش على مسرح الاحداث، بالإضافة الى ضعف الأداء السياسي والاداري الحكومي قد وضع الحكومة في موقف أكثر حرجا. ومن هنا فإن فشل أجهزة  الحكومة في إدارة هذه الأزمات  سيكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل العراق.

لقد حضيَ العراق بالديمقراطية من خلال تطبيق آليات التصويت بشكل متكرر، لكن الممارسة الديمقراطية لم تكن مقترنة بتطبيق مفردات الحكم الرشيد (كاعتماد المشاركة على اساس الكفاءة، والشفافية، وسيادة القانون، والقبول بالمساءلة، وعدم التمييز بين المواطنين على اساس الانتماء). ولا يخفى إن اعتماد هذه المفردات في أية دولة من الدول كما تشير الادبيات الاقتصادية والسياسية تعدُّ عاملا أساسيا في تحقيق التقدم والرفاه. إلا أن غياب الحكم الرشيد أدّى الى ضعف الاداء الحكومي في العراق وعدم قدرته على تلبية متطلبات المواطنين بالخدمات العامة، وبعد ما وصلت الحالة المزرية في العراق الى ما وصلت اليه بدأ الفرقاء السياسيون يركبون موجة فشل الحكومة لتعميق الخلاف وظهور حالة الاستقطاب الطائفي البغيض، ولا يخفى على أحد أنّ لهذه الحالة لها مردوداتها السلبية الداخلية  (بعدم ولاء البعض للوطن) والخارجية (بضعف ثقة المنظمات الدولية).

ازاء ما تم بيانه أعلاه قدمت مجموعة من الكفاءات العراقية طلبا للحكومة تعرب فيها عن رغبتها بالتطوع لتقديم خبراتها الاستشارية ضمن اطار “فريق وطني استشاري” دون مقابل مادي تجسيدا لمبدأ المواطنة الصالحة، والعمل على تعشيق نشاطها الاستشاري الى جانب نظيره الحكومي. حيث يسعى المقترح الى مشاركة ممثلي النقابات والمؤسسات المهنية ونخبة من منظمات المجتمع المدني لاعطاء الفريق زخما اضافيا. ان اعتماد الحكومة للفريق في تدارس هموم وتحديات الوطن سيعطي للمواطنين والاطراف الدولية مؤشرات إيجابية، ومما لا شكَّ فيه أنّ تفعيل المقترح سوف يكون له تأثيرا” إيجابيا” كبيرا” في تغيير بعض القناعات السلبية حيال الاصلاحات الحكومية.

ان قيام جهة وطنية (غير حكومية وغيرسياسية) بالتخطيط والترويج للاصلاحات ومتابعة تنفيذها في غاية ألأهمية لدعم اهداف الحكومة المعلنة. كما ان تبني مجلس الوزراء لهذا المقترح سوف يشجع الحكومات المحلية في المحافظات على تشكيل مجالس وطنية محلية تضم الكفاءات ومنظمات المجتمع المدني.

الفكرة الاساسية للمقترح هي العمل على تأسيس  ألفريق “الاستشاري الوطني” ويضم مجموعة من الخبراء والحكماء غير معروف عنهم ممارستهم ألعمل ألسياسي وظيفتهم تقديم المشورة في مختلف الجوانب لمجلس الوزراء، ويتم انتقاء أعضائه ضمن ضوابط معلنة للجميع، ويشمل كل اطياف المجتمع العراقي، لكي يستطيع الفريق الاستشاري القيام بدوره الايجابي، وينبغي ان يكون اعضاء الفريق ممن تتوفر بهم الشروط التالية:

·        أن يكون متبنيا للاصلاح وأن يقدم خدماته من أجل تحقيقه على أفضل وجه بدون أجر.

·        أن يمتلك معرفة تخصصية عالية وخبرة عملية رصينة، ومن المحبذ (أن يكون) ممن سبق لهم ان تولوا مسؤوليات قيادية في مرافق الدولة أو في القطاع الخاص ولهم نجاحات قابلة للتحديد.

•·         أن يمتلك رؤية واسعة لعملية الأصلاح ولتحدياتها وله القدرة والاستعداد وروحية العمل ضمن فريق.

•·         أن يكون له حضورا” ومكانة اجتماعية مؤثرتين في مجال اختصاصه أو عمله أو وسطه المهني والاجتماعي.

•·         أن تكون له دراية بآليات عمل الدولة وأجهزتها الإدارية وبعملية اتخاذ القرارات ومتابعة تنفيذها، وبالعوامل المؤثرة فيها.

•·         أن يتحلى بالمرونة الواقعية وله تفكير انتقادي وعملي في مواجهة الصعوبات والتعقيدات والتركيز على ايجاد الحلول وتحقيق النتائج ألإيجابية.

•·         أن يكون منطلقه ومرشده مبدأ المواطنة وتحقيق الصالح العام والمصلحة العليا للوطن.

•·         أن يكون ملما بمباديء الحكم الرشيد ويعمل من أجل تطوير مؤسسات الدولة على وفقها.  

•·         يشترط بعضوية الفريق ان يكون مشفعا بثلاث معرفين من اصحاب التخصص للمرشح.

علمنا ان دولة رئيس الوزراء قد ابدى استعداده وترحيبه بالمقترح، ونأمل ان يتجاوز المقترح الاجراءات الادارية ألروتينية والاسراع بوضع المقترح موضع التنفيذ.

Comment here