من صراع المكونات إلى صراع الطبقات مقاربة في الاقتصاد السياسي

لقد غلّف النظام السياسي العراقي نفسه وانغلق في مخارجه الانتاجية والاجتماعية، مرسياً بنية مادية تاريخية مختلفة سواء في النظرة الى قاعدة الإنتاج (قوى الانتاج وعلاقات الانتاج) أو في مكونات بنيته الفوقية من مؤسسات الدولة وغيرها.
كما توارث النظام السياسي-الاقتصادي للعراق منذ سقوط النظام الفردي بؤراً مكوناتية شديدة النفعية، ترى في منهجيتها بأن تحقيق مصلحتها الذاتية والزبائنية من ثروة الشعب هي مصلحة عاطفية مستدامة للمكون المذهبي أو العرقي الذي يتطلع اليه الشعب عاطفياً ومصيرياً؛ في حين أمست أكثرية الجموع المذهبية أو المكوناتية التي ما زالت تنمو خارج مؤسسات التأثير السياسي والاقتصادي، بعيدة عن تحصيل الثروة العادل وتقاسم مصالح الدولة الريعية وصنع الإرادة السياسية فيها إلا في وقت الانتخابات، بل غدت مجرد بهائم بشرية هامشية ملحقة في مرتكز المكون المحتكر للثراء.

“الدولة-المكونات” بديلاً رثاً عن “الدولة-الأمة”
لقد تعاظم نمو الهوامش الفقيرة والعاطلة عن العمل التي يغلب على عيشها وحياتها اليومية فراغُ الحياة و”الاغتراب الداخلي”، وقذفت بها الهرمية الاقتصادية السياسية لتكون خارج مفهوم المواطنة والعيش الكريم، بل انسلخت تلك القوى البشرية الملتصقة بالمكونات والإثنيات بمرور الوقت وتحولت الى خربة انسانية راكدة تسكن وتستقر خارج المجال النفعي المركزي المغلق للجماعات المكوناتية الريعية (بعد تحصيل مقاعدها الديمقراطية بإرادة المكونات المغلوبة)، لتتحول تلك الجماعات إلى قوى تتكالب على انتزاع الريع النفطي بنزعة الثراء.
إنها قوى مهيمنة متناثرة بين مكوناتها الفقيرة وتستمد القوة منهم في إدارة إشكالية تحصيل الثروة النفطية من الدولة-وهي المالك الاكبر- بعد أن كونت علاقات سوق زبائنية همها الاستحواذ الفائق على فرص الدولة الاقتصادية. وهي تشكيل مهم في هرمية النظام تمسك بالوقت نفسه بأدوات تشغيل منظومة سياسية تمتلك القدرة على استدامة امتصاص الفائض الاقتصادي للدولة الثرية لقاء خلو البلاد من التنمية.
هكذا، شقت الرأسمالية الجديدة وليدة مكوناتها الاجتماعية العرقية والمذهبية طريقها نحو معاقل الاغتراب، رافقتها هجرة بشرية منتجة نادرة في الغالب لتصبح السياسة والاقتصاد يُداران بمحركات خارج أوطانها. لقد وفرت الحياة السياسية المكوناتية الهيمنة على آليات عمل وحركة البناء الفوقي للدولة-الأمة لتجديد بقائها بشكل مستمر، مؤشرة فراغ جدول أعمال التنمية وغياب التنويع الاقتصادي دون أن تعلم أن وجهاً جديداً من أوجه الصراع الذي تعيشه البلاد اليوم هو الآخر آخذ بالضد كقوة عمالية عاطلة عن العمل، وتمثل وجهاً متفجراً محتملاً من أوجه صراع الطبقات التي يواجهها النظام السياسي الراهن.
وهكذا أنتج الصراع الطبقي عقلاً وطنياً جمعياً عفوي المسار، جسّد في الوقت نفسه حالة ديناميكية فريدة لقوى مجتمعية مهمشة راكدة عابرة للمكونات ومتصدية في الوقت نفسه لقوى الانتفاع الريعي المركزي، لتشكل منعطف التحول في النظام الاقتصادي والسياسي. إنها تيارات تاريخية تمتلك القدرة على خلق تحالفات وطنية منسجمة طبقياً بصورة تلقائية وعابرة للطوائف والقوميات تعمل بالند (ومن خلال اغترابها الذاتي كقوى عاطلة) في التصدي لتشظي التقسيمات المكوناتية السياسية البالية التي أورثت البلاد ماكنة إنتاج ظلت عاطلة عن العمل.
في دراسة اكاديمية نشرتُها قبل سنوات بعنوان “الرثاثة والاستبداد الشرقي”، تصديتُ فيها الى رثاثة المراكز النفعية المكوناتية التي تمارس الاستحواذ على الفائض الاقتصادي خارج مسار توظيفه لمصلحة قوى العمل الوطنية السريعة التكاثر في بلادنا، اذ يضاف سنوياً الى سوق العمل قرابة نصف مليون عامل شاب تتقاذفهم أرصفة العمل وغدر قوى الارهاب على مدى الأعوام العشرة ونيف الماضية .
لقد أدت ليبرالية السوق التي اعتمدها النظام الاقتصادي المنفتح عالمياً ويتمتع بانفلات عالي من أية ضوابط تجارية ذات أهمية، والملتصق بشدة بأسواق المنطقة إقليمياً ضمن ظاهرة “الاحيائية الإقليمية” Bioregionalism، إلى ولادة ظاهرة تجزيئية خارجية جعلت الأسواق المحلية تتشظى وطنياً وتبحث عن من يحاكيها ايديولوجياً أو إثنياً أو مذهبياً لاقامة مصالح اقتصادية وسياسية شديدة الخطر على الأمن الوطني للعراق.
فلم تترك تلك الليبرالية المتحيزة المنغمسة في الاحيائية الإقليمية أية فسحة للكيان الريعي المركزي العراقي لبناء أنموذج تنمية وطني شديد الاستقلالية تتوافق فيه الرؤيتان السياسية والاقتصادية معاً أو تنسجم فيه البنية التحتية لقوى الانتاج وعلاقات الإنتاج الوطنيتين مع البناء السياسي الفوقي الديمقراطي الجديد لتوليد عدالة في توزيع الدخل وقدرة على الاستخدام الأمثل لقوة العمل النامية. فقد حدث العكس إذ جرت حالة من التلازم المباشر والخطير للإحيائية الإقليمية بتكريس هيكلية لبناء عمل الدولة الاقتصادي، وقادت الى تأسيس آليات أرهقت البناء الفوقي للدولة-الأمة، وأدت في الوقت نفسه إلى استنساخ وجود للدولة والاقتصاد في آفاق سياسية موازية ومغتربة خارج البلاد، أي ولادة الدولة-الأمة الموازية أو المغتربة Expat Nation-State. فقد تدهور البناء الاقتصادي التحتي بفعل “عوامل ريعية” استهدفت السوق الداخلية وليبراليتها الشديدة كي تتحول بسرعة للعمل نحو الخارج مقوضة دالة الإنتاج الوطنية (العمل ورأس المال)، وسعت نحو تفكيك تلك الدالة الانتاجية الوطنية لتلتحم في الشتات الاقليمي الخارجي، أي الالتصاق بعولمة إقليمية موازية شديدة الخطورة على صيرورة النظام السياسي الموحد نفسه.
وهنا تشكلت حالة اغتراب أخرى تمثلت بولادة دالة إنتاج موازية أو مغتربة Expat Production Function ملتحمة مع الدولة-الأمة الموازية في خارج البلاد. لقد تحقق بذلك فضاء سياسي اقتصادي مغترب أو موازي يعمل بمصالحه وأدواته الخارجية بالضد من تماسك الفضاء السياسي الاقتصادي الوطني الداخلي وتسيّره خارجياً إرادات بعيدة عن فكرة القرار الوطني.
في الوقت ذاته، بلورت الطبقة العاملة العاطلة التي لم تستطع أن تعيش حتى على هامش الريع النفطي وفتاته، وعياً أيديولوجياً حراً شديد التماسك الداخلي وهو يضرب بقوة عمق النسيج الوطني، وللمرة الاولى منذ التغيير الشامل في العام ٢٠٠٣. إنها الطبقة العاملة الجديد الشابة المعطلة العابرة للمذهبية الدينية أو التعصب القومي أو المناطقية، التي تركت مساطر العمل في سنوات الحرب على الإرهاب الداعشي للتطوع والقتال لحماية العراق من الإرهاب الخارجي على خلاف بعض أجزاء من الطبقة الوسطى التي فقدت ربما جانباً من هويتها الوطنية الموحدة وانغمست بمعطيات الدولة الريعية، وأمست -أي الطبقة الوسطى- منقسمة في مشروعها الوطني الموحد كما عهدناها في النصف الاول من القرن العشرين، تلهو بالمحاصصات والمنهج الطائفي والاثني.
فمثلما أصبح المحيط الإقليمي القريب للعراق أو البعيد منه وعاءً لدالة الإنتاج العراقية المغتربة يقتصر دورها على إدامة دورة استهلاك خطيرة المعالم داخل الاقتصاد الوطني، وقوامها قوة عمل مغتربة ورؤوس أموال شديدة الاغتراب هي الأخرى، نجد أن مثل هذا النمط الاغترابي الخطير في القاعدة الاقتصادية العراقية (أي علاقات الانتاج وقوى الانتاج الخارجية) يتلاحم في الارتباط ببناء فوقي مغترب آخر قوامه أنماط من الدولة-الأمة الموازية أو المغتربة.
وإن هذا التشكيل المشوه من المادية التاريخية المغتربة Expat Historical Materialism (كما يصفها التحليل الماركسي) أصبح من العوامل السالبة التي استمرت في تكريس نظام سوق مشتت في إثنيته ومذهبيته ونظامٍ للمحاصصات السياسية لقوى نفعية محسوبة على الطبقة المتوسطة لتوجَّهَ بعوامل مغتربة من خارج البلاد واقتصاده وهي تمسك داخلياً بآليات مهمة في تقاسم الريع النفطي وتبحث عن استدامة تحصيله والشراكة به. فالامساك المحاصصاتي على سبيل المثال بالوظائف العامة غير المنتجة أو إحلال علاقات السوق الهشة التي تدور في فلك الدولة الزبائنية، جميعها عوامل مرتبطة بالعلاقات الريعية، في وقت تناست فيه الطبقة الوسطى الريعية دور أو موارد الأمة الاساسية البشرية أو الانسانية المتكاثرة كقوة عمل منتجة معطلة أو “مهملة” أو حتى التفكير جدياً في مستقبل تنميتها ورفاهيتها.

الأنموذج الريعي-الماركنتالي الجديد
‎لم تظهر الآصرة الليبرالية-الريعية بين السوق والدولة في العراق وعلى مدى عقد من الزمن الا أنموذجاً فريداً يقوي الاندماج في السوق الاستهلاكية العالمية أو الذوبان بالعولمة الاستهلاكية وعلى وفق شروط التحول السياسي الديمقراطي الذي يتطلب الانتقال من الدولة-الأمة الى الدولة-المكونات أو المحاصصة (كما يصطلح عليه عرفاً في بلادنا اليوم).
إن تعظيم الصرف غير المنتج لعوائد الثروة النفطية، والتقاسم النهم بين المكونات، وضياع العوائد الريعية في نظام توزيعي-استهلاكي، قد أسس لاقتصاد لا يقوى على إنتاج سوى موارد الثروة النفطية ويقوي في الوقت نفسه الاستهلاك الذي تغذيه أسواق العولمة، تؤازره وفرة نسبية من التراكمات المالية الادخارية وهي شبه معطلة محلياً وتتسرب في نهاية المطاف إلى معاقل مالية خارجية، ويدفع بها اللايقين والتردد في اتخاذ القرار الاقتصادي الاستثماري المحلي أو صناعته .وبناءً على ذلك، فقد أصبحت الديمقراطية السياسية وتعظيم الاستهلاك وفق تدني فرص العمل المنتجة، عنواناً لفراغ التنمية وضياع مستقبل البلاد الاقتصادي كقوة منتجة خارج حدود ومحددات الريع النفطي.
إن الديمقراطية السياسية لا تنفي نظاماً إقتصادياً بديلاً يحل محل الانفلات الليبرالي الاستهلاكي الراهن ويعظم من آصرة الدولة-السوق الانتاجية، وان شرط الضرورة الموضوعية في مثل ذلك التحول يقتضي ما يأتي:
‎أولاً- إجراء تحول عقائدي في البناء السياسي للعراق من “الدولة-المكونات” الى “الدولة-السوق الاجتماعي”، وهو مفهوم أقوى من الدولة-الأمة نفسها. فالسوق الوطنية المنتجة والتي تحمى تنافسيتها من قبل الدولة نفسها عبر الرقابة والشراكة، هي الأساس الموضوعي في التكوين والانتماء السياسي لمستقبل التنمية الديمقراطية في العراق.
‎ثانياً- على الرغم من أن الانموذج الاقتصادي الماركنتالي الجديد (التجاري) يعكس تمثيلا قوياً لرأسمالية الدولة، لكنه يمتلك قوة الشراكة بين الدولة والسوق أو خلق الدولة التعاونية ولاسيما في بلاد مثل العراق تهيمن فيها الدولة على موارد البلاد الطبيعية الرئيسة. فالتيارات الماركنتالية الجديدة، وعلى خلاف المذهب الليبرالي الاستهلاكي، تؤكد على أولوية الجانب الانتاجي في العملية الاقتصادية. فالاقتصاد السليم في نظرهم، يتطلب وجود بنية انتاجية سليمة ترتكز على بنية تشغيل عالية لقوة العمل وبأجور كافية. فالتجارة وفق المذهب الماركنتالي هي ليست إستيرادات جاهزة تتدفق من أسواق العولمة، بل إنها انتاج شراكة يرفد أسواق العولمة بالمنتج الوطني العراقي، مثلما يرفد السوق المحلية بإنتاجه. وإن التجارب الاقتصادية التي خطها الانموذج الاقتصادي الياباني أو الكوري وحتى الصيني قد وضعت على أسس ماركنتالية حديثة أدت الدولة فيه دورها المشارك والملازم للانتاج. وبهذا جسدت التجربة الصناعية الآسيوية دور الدولة الماركنتالية الجديدة وهي الرأسمالية الاعظم إنتاجاً والاوسع إزدهاراً.
ثالثاً- إن الاقتصاد العراقي في ظروفه الريعية المعقدة الراهنة هو أحوج ما يكون الى دور إقتصادي للدولة، يسهل الشراكة واندماج الدولة مع النشاط الانتاجي الخاص، وعلى وفق إيديولوجية أو منهجية إقتصادية منافية للمنهج الليبرالي الاستهلاكي السائد الذي يسهم في تفكيك الجغرافية السياسية والاقتصادية للعراق وهو الانموذج الريعي الليبرالي ونتائجه الكارثية التفكيكية الراهنة. فظروف مابعد الليبرالية الحالية تتطلب عودة متجددة لمفهوم الماركنتالية الاقتصادية والترويج لايديولوجيا النشاطات الخالقة للسوق ذات النمط المنتج المتمثل بالشركات المساهمة المختلطة التي تعمل على وفق مبادئ الحوكمة الإدارية الجيدة، والانتقال الى النظام الريعي-الماركنتالي “المنتج” كبديل للنظام الريعي-الليبرالي “المستهلك” الحالي، والعمل على تشييد نظام سياسي ديمقراطي تنموي منتج يبتعد عن “الدولة-المكونات” الراهن ويقترب من مفهوم “الدولة-الأمة” ويتخطاه بإحلال “الدولة-السوق الاجتماعي” كأساس للشراكة القادمة بين وظائف الدولة ووظائف السوق في نطاق التكوين الماركنتالي الحديث.

من الاغتراب إلى الحداثة الوطنية
كما أوضحنا فإن الاغترابين الاقتصادي والسياسي الخارجي أخذا يبثان عواملهما السالبة داخل المجتمع العراقي الذي يتكاثر سكانياً وبنسبة هي الاعلى في العالم (تبلغ اكثر من 6,20% سنوياً). وكذلك يمتلك هبة ديموغرافية هي الأخرى الأعلى عالمياً، أي نسبة الشباب ولاسيما من جيل الالفية الثالثة Millennials الذي ولد في العصر التكنولوجي الثالث، وهو العصر الرقمي الفائق العولمة، ابتداءً من مواليد الثمانينيات والحرب مع ايران ثم التسعينيات وحرب الكويت والحصار، وبعد العام ٢٠٠٠ وسقوط النظام الدكتاتوري الفردي.
ويشكل هذا الجيل الشبابي الحالي (جيل مطلع الالفية الثالثة) قرابة 40%- 45% من سكان البلاد، كما يشكل في الوقت نفسه غالبية القوى العاملة فيها. إنه جيل عاش في نشأته وبالتدرج أوج اشكال ومراحل الصراعات السياسية والحروب الخارجية والحروب المذهبية والإثنية الداخلية. إلا أنه جيل عامل لم تستوعبه عجلات الإنتاج المعطلة وظل يعيش خارج معادلة الريع النفطي وتراكيبها الفوقية والتحتية المغتربة. إنه الجيل العامل الذي تتخطى ميوله الإشكالية الاقتصادية السياسية الراهنة، ويشق لنفسه منهجاً تجديدياً في الاقتصاد السياسي لبلوغ عصر آخر من عصور الاقتصاد السياسي الحديث للعراق. إنه أكثر وطنية في عراقيته، رغم تاثيرات العولمة الرقمية، وأقل اثنيةً أو مذهبيةً في ميوله، ويغلّب مصلحة العراق على المصالح الضيقة التي خلفها المجتمع المحاصصاتي المجزء .
فالعراق المتحول يعيش مرحلة انتقالية في نظاميه الاقتصادي والسياسي. إنها مرحلة التجديد والحداثة الوطنية في تاريخ الاقتصاد السياسي للعراق، تتشكل فيه طبقة عاملة جديدة كبديل عن انتهازية الطبقة الوسطى التي انغمست في جداول أعمال توزيع الريع النفطي، وشيدت أدوارها الاجتماعية والسياسية على محاصصات الأمة وانقساماتها، واستندت على مادية تاريخية مغتربة سالبة تنسجم ايديولوجياً مع مناطق اغترابها المذهبي أو المعتقدي (في معاقل اغترابها الخارجية)، معطلة للحريات وقامعة للتنمية، ريعية الميول في تكديس الثروة وأساليب نهبها المتسارع، فضلاً عن إشاعة نظامٍ لتوزيع الثروات هو الاشد ضرراً على مستقبل العدالة الاجتماعية للبلاد.
* * *
أخيراً، تشهد البلاد اليوم منعطفاً في سجل تطورها الاجتماعي والاقتصادي، إذ أنها غادرت بجيلها الجديد مفترق تاريخها الاقتصادي الذي تعطلت فيه آليات سالبة لبناء العملية الاجتماعية المزدهرة. تلك العملية ظل قوامها هياكل من النظام المحاصصاتي الاقتصادي والسياسي، ذلك النظام الشديد العقم في تحريك دواليب الإنتاج واستيعاب دورات العمل الاقتصادي والسعي لاستعادة مجهودات الأمة وثرواتها وتوطينها في النسيج الاجتماعي للعراق.
وختاماً، تشهد الدولة-الأمة المغتربة بولادة الجيل الجديد للالفية الثالثة نهايتَها “الشديدة الخطر”، وهي مازالت ترقد في مستوطناتها الاجنبية، لتنتهي لمصلحة نظام مرتكزه الدولة-الأمة العراقية الناهضة الديمقراطية اللامحصاصاتية؛ ولتنتهي مع اغتراب النظام السياسي أو الموازي ظواهرُ دوالِ الانتاج المغتربة في أقاليمها الخارجية التي تحاكي نظام المحصاصات السياسية ومصالحها الداخلية المدمرة، وايجاد بديلها الديمقراطي الوطني في بناء آخر من النظام الاقتصاد السياسي الحر للحضارة العراقية.
إنه منهج اقتصادي آخر ونظام قوي في عدله الاجتماعي يقوم على السوق الاجتماعي والاستخدام الشامل للعمل وعدالة توزيع الثروات تؤطره الدولة -الأمة الديمقراطية .

Comment here