أغسطس 31, 20200
كلمة رئيس الجمهورية برهم صالح في ذكرى استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) في 2020/08/29
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”
صدق الله العظيم
أيُّها الشعبُ العراقيُ الأبيّ
أيُّها الأحرارُ في أرجاء المعمورة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع بدايةِ شهرِ محرّمٍ الحرام، وعاشوراءِ الحزنِ لسِبْطِ النبيِّ في فاجعة الطف الخالدة، والتي قضى فيها الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) شهيداً، يرافِقُهُ ركبٌ من أهلِ بيتِهِ وصحبِهِ، أحببتُ أن أُطلَّ على أبناءِ شعبِنا لأضمَّ صوتي الى صوتِهم، وحزني إلى حزنِهِم ، ومواساتي الى مواساتهم.
الحسين (عليه السلام)، كانَ ولا زالَ وسيظَلُّ خالداً بمشروعِهِ الإصلاحيِّ وإنسانيتِهِ التي تجلَّت حتى مع أعدائه أثناءَ المعركة، خالداً بركبِهِ وهو يحملُ نساءَ الرسالةِ وصحبَهُ الذين تنوعوا بين عربيٍّ وأعجميٍّ ومسيحيٍّ وروميٍّ وعبدٍ وحُر، وهذا دليلٌ على شمول ثورة الحسين للجميع، ودليلٌ على أنهُ، عليهِ السلام، للكلِّ، ويقفُ مع الكلّ، في مظلوميتِهم دون تفريقِ عِرْقٍ أو لونٍ أو طائفة.
في عاشوراء الحسين ما أحوجنا أيُّها الأحبةُ إلى إنسانيةِ الحسين وإيثاره ووقفتِهِ بوجهِ الظلم والجَوْرِ، ونصرةِ المظلومين.
الحسينُ رمزٌ للتحررِ والتعايشِ السلمي والتصالحِ مع الذات، فهو جامعُ الجميع، لا يقفُ عند مذهبٍ أو طائفة أو قومية، و قد تحولَّ من شخصيةٍ ثائرةٍ الى شاخصٍ لكل الثوار ومن إنسانٍ مؤمنٍ الى رمزٍ للإيمان، ومن رجلٍ مصلحٍ الى رمز للإصلاح.
يا ابناء شعبنا الصابر.
تمرُّ عاشوراءُ الحسين هذا العام والعالمُ كلُّهُ يعيشُ بأزمةٍ كبيرةٍ في ظلِ صراعاتٍ وفي ظلِ انتشارِ جائحةِ كورونا التي ألقتْ بظلالِها على كل مرافق الحياة، والتي أثبتَ من خلالهِا أبناءُ شعبِنا أنهم على أثرِ الحسين في تكافلِهم الاجتماعيِ مع الفقراء والمحتاجين وبصمودِ جيشهم الأبيضِ مع المرضى والمصابين.
العراقُ اليومَ يعيشُ مرحلةَ تحولاتٍ حساسةٍ وخطيرة، فالعراقيونَ بعد معاناةٍ طويلة وحرمانٍ مديدٍ يتطلعونَ الى العدالة وسيادة القانون، و إنهاء الفساد و تأمين الحياةِ الحرةِ الكريمة، يتطلعون الى ترسيخِ مرجعية الدولة المقتدرة ذات السيادة الكاملة الغير منقوصة و المحتكمة الى الدستور و القانون.
فلابدَّ من تلبيةِ الاستحقاق الوطني في الإصلاح، وذلك من خلال الاحتكامِ الى الشعب في انتخاباتٍ مبكرة و التي يجب أن تكونَ في أجواء تسودُها الثقةُ بعيداً عن التلاعب والتزوير، وهو ما يتطلب توفيرَ المستلزماتِ الفنية والقانونية لتطمينِ العراقيين بنزاهتِها وصدقِها، و تمکینهم من ممارسة حقهم الدستوري في تقرير مصير بلدهم و انتخاب نوابهم و حكومتهم بعيدا عن كل قيمومة او تدخل او تلاعب.
و هي دعوة لنا، وللفرقاءِ والشركاءِ أن نقتفي أثَرَ الامام الحسين في خدمةِ أبناءِ شعبِنا والوقوفِ معَهُم في بناءِ الوطن ودفعِ شرورِ الأعداء عنهُ وتقديمِ كلِّ شيءٍ يرفعُ المعاناةَ عن كاهلِ العراق الذي يستحقُ كلَّ خيرٍ وتقديرٍ واحترام.
عظَّمَ اللهُ أجرَ المُعزّينَ بشهادةِ سِبطِ الرسول، عزائي للمرجعيةِ الدينيةِ الرشيدة ولكلِّ الخيّرينَ في العالمِ الذين تعلموا من الحسين، واتّبعوا منهجَهُ.
وحفظَ اللهُ العراقَ وشعبَهُ وقواتِهِ الأمنيةَ بكلِ صنوفِها من كلِّ سوءٍ، ورحمَ الله كلَّ الشهداء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
Comment here