أغسطس 28, 20200
أ.حسين حيدر الجزائري: ميناء الفاو الكبير بين الطموح والتحديات
يعد ميناء الفاو الكبير من المشروعات العراقية العملاقة والاستراتيجية لأن هذا المشروع سيكون سببا ًلنشوء نهضة اقتصادية واجتماعية في البلد , وتمتد اَثاره ليس فقط في العراق بل في المناطق المجاورة ويمنحها فرصة اقتصادية تمكن الدول من نقل البضائع مباشرة إلى الميناء ومن ثم عن طريق القناة الجافة إلى أوربا ودول البحر الأبيض المتوسط , وعملية نقل البضائع ستكون بأقصر وقت وأقل تكلفة , مما سينعكس ايجابا ً على التجارة الدولية وعلى الاقتصاد العراقي , وقد دخلت الشركات الايطالية المنافسة وقدمت دراسة حول إنشاء المشروع في شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة, اَخذة ً بعين الاعتبار المفاضلة بين المواقع من حيث الكلف والامان والقرب من الساحل وقلة الترسبات الطينية وتجنب التداخل مع الانابيب النفطية , وقد وضعت له التصاميم النهائية بعدما تم التعاقد مع تلك الشركات من قبل وزارة النقل العراقية وتم وضع حجر الأساس لهذا الميناء في 14 /1 / 2010 , ليكن واحدا ً من أكبر الموانئ المطلة على منطقة الخليج العربي وقادرا ًعلى استيعاب الحاويات والسفن الكبيرة بطاقة استيعابية قدرة ب 99 مليون طن سنوياً منها 66 مليون طن سنوياً لمناولة بضائع الحاويات و33 مليون طن سنوياً لمناولة بضائع الصب, مما سيجعل العراق في طريق التقدم والازدهار لكونه مشروعا ً ناجحا ً ذا جدوى اقتصادية كبيرة ومهمة لا تقل عن أهمية النفط. ومن ثم يمكن بيان الاثار الاقتصادية المحتملة لميناء الفاو الكبير وكالاًتي:
اولاً : الاثر على الايرادات العامة للدولة
تشكل الإيرادات السنوية المتوقع ان يحققها ميناء الفاو الكبير من عمليات المناولة والخدمات الأخرى أضافه كبيرة لإيرادات الشركة العامة لموانئ العراق والتي تتمثل بزيادة الايرادات العامة ، إذ تسهم هذه الإيرادات في ديمومة خطط المشروعات التنموية لمجمل نشاطات الشركة وانعكاسها الايجابي على القطاعات الاقتصادية الأخرى في العراق ، إذ يمكن ملاحظة أن ميناء الفاو الكبير من المتوقع له أن يحقق إيرادات تقدر بحدود 653 مليون دولار في مراحله الأولى بحلول العام 2020, وتزداد لتبلغ 764 و 862 مليون دولار عند عامي 2024 و2027 على التوالي ,ومن المتوقع أن تصل إيرادات ميناء الفاو الكبير إلى 1.778مليار دولار بحلول العام 2034 ، إذ احتسبت تلك الإيرادات المحتملة على أساس جدول العوائد والأجور للموانئ العراقية الحالية وتستوفى أجور عن عمليات المناولة قدرها 18 دولارا للحاوية الواحدة و 13 دولارا للطن الواحد للحمولات الجافة ، لذا فأن ميناء الفاو الكبير سيحقق إيرادات هائلة تضاف إلى الإيرادات المتحصلة من الموانئ الحالية , تذهب نسبة من أرباحها الصافية إلى وزارة المالية وهو ما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل وزيادة في الإيرادات التي تحصل عليها الدولة بشكل ينعكس ايجابياً على قدرة الدولة في تغطية نفقاتها على القطاعات الاقتصادية المختلفة .
ثانياً : الأثر على التوظيف :
سيوفر ميناء الفاو الكبير اكثر من اثني عشر ألف وظيفة في حال تشغيله كما مثبت في مخطط الميناء وبشكل يؤدي الى الحد من تفاقم معدلات البطالة فضلاً عن فرص العمل التي سوف تتولد من الانشطة الاقتصادية والخدمية الاخرى المرتبطة به ,وهو ما أشارت اليه الدراسة الايطالية لخطة النقل لعام 2005 من المزايا التي سوف تنجم عن ميناء الفاو ومشروع القناة الجافة تتمثل بزيادة فرص العمل , إذ إن فرص العمل الممكن أن تتولد نتيجة تشغيل المشروع ستبلغ 74746 ألف وظيفة عند عام 2021, وتستمر بالزيادة لتصل 84434 ألف وظيفة في عام 2024 , وتأتي هذه الزيادة في التشغيل نتيجة التوسع المفترض في الإنفاق على المرحلة الأولى من المشروع ,كما أشارت الدراسة إلى الزيادة في الأجور والرواتب الخاصة بالعاملين , إذ أنها ستصل إلى ما يقارب 633 مليون دولار عام 2024. ومن ثم فأن من الحلول المطروحة أمام الحكومة العراقية هي الإسراع بإكمال ميناء الفاو الكبير.
ثالثاً : التأثير على الاستثمار:
يعد الاستثمار قاطرة التطور والنمو الاقتصادي , وما لذلك من دور في تحريك مختلف القطاعات الاقتصادية ,اذ يعد من المؤشرات المهمة التي من خلالها يمكن بيان التأثير الاقتصادي لميناء الفاو لذا فأن عملية إنجاز مشروع ميناء الفاو الكبير سوف تحتاج إلى مشاريع استثمارية وهذا يتطلب إضافة تدفقات استثمارية من أجل تطوير نظام قناة خور عبدالله إذ أن تكلفة عملية التطوير تحتاج إلى 360 مليون دولار , كذلك الحال بالنسبة إلى قناة شط العرب فأن عملية التطوير لهذهِ القناة تصل إلى 540 مليون دولار , فضلا عن الاستثمارات في مناطق الظهير , والاستثمار في الملحقات التابعة للميناء كإقامة مدينة صناعية ,مدينة تجارية , مدينة سكنية , فضلاً عن إقامة منطقة حرة للتبادل التجاري , وأن مساحة المنطقة المقترح لإقامة هذه الاستثمارات فيها تبلغ 40 الف دونم, ومن ثم فأن كل هذهِ الاستثمارات ستجعل من العراق أرض خصبة لجذب المستثمرين وجذب رؤوس الاموال , وإذا ما علمنا أن العراق يتمتع بأفضل عوامل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر والمتمثلة بالموقع الجغرافي , وعدد السكان والموارد الطبيعية فضلاً عن الايدي العاملة الماهرة والكفاءات .
رابعاً: التأثير على التجارة الخارجية:
سيفتح ميناء الفاو الكبير افاقاً جديدة للتجارة الخارجية في العراق على المستوى المحلي والدولي كونة الطريق الأقرب والاقل كلفة والأكثر أماناً بين القارات الثلاث اسيا وأوروبا وافريقيا فضلا ًعن ذلك فأن بضائع الترانزيت المتوقع مرورها عبر العراق عن طريق ميناء الفاو الكبير والقناة الجافة ستترتب عليها منافع كبيرة ,وذلك من خلال الرسوم الممكن استحصالها عن طريق استخدامها للبنى التحتية في العراق , هذه المنافع يمكن عدها منافع صافية للاقتصاد العراقي , ومن هنا فأن رسوم المرور للبضائع تمثل مساهمة صافية في الناتج المحلي الإجمالي , وعلى وفق التقييم الأولي للقناة الجافة فمن الممكن أن تحقق القناة الجافة رسوم عبور قيمتها 100 دولار لكل حاوية عابرة ,كما تشير التوقعات إلى أن ضريبة المرور التي ستفرض على الحمولات التي ستنقل عبر القناة الجافة ستكون قيمتها 7.14 دولارات / طن , إذا ما علمنا أن كمية الطلب الكامن على موانئ العراق لغرض تجارة الترانزيت , والتي يتوقع مرورها مستقبلا ستبلغ ( 360.6) ,( 383.7 ), (404.6) مليون طن , خلال الأعوام 2025, 2030 , 2035 ) على التوالي وبذلك نستطيع أن ندرك وبشكل ملموس أهمية الموانئ العراقية في التجارة العالمية , وإن حجم واتجاهات تطور هذه التجارة ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار لغرض التعجيل بإكمال ميناء الفاو الكبير, ولكن ما يلاحظ أن مراحل إنجاز الميناء قد تعثرت ولاسيما إنجاز المرحلة الأولى من المشروع بسبب المشكلات المالية والمشكلات الفنية إذ نحن الآن في العام 2019 ولم تنجز المرحلة الأولى التي من المفترض تنفيذها منذ عام 2018 بسبب تحديات عدة عرقلت عملية تنفيذ الميناء منها تحديات داخلية متمثلة بقلة التمويل وسوء الإدارة وغياب الإرادة السياسية في العراق وتفضيل المصلحة الخاصة للأحزاب الحاكمة على المصلحة العامة فضلاً عن التحديات الخارجية المتمثلة بالضغوطات من قبل الدول التي ستضرر من جراء تنفيذ ميناء الفاو الكبير اذ أن في حال تشغيل الميناء هناك بعض الموانئ في المنطقة ربما ستخرج عن الخدمة لذلك ندعو إلى بذل المزيد من الجهود لتوحيد القرار السياسي خدمة للبلد وكذلك لغرض توفير الموارد المالية لإكمال مراحل تنفيذ الميناء لأن عملية تأخير التنفيذ تعني حرمان الاقتصاد العراقي من موارد مالية كبيرة وفقدان العديد من فرص العمل وتطوير القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالمنطقة الحرة والمنطقة التجارية .
Comment here