منطق العقل الاستراتيجي …ومواجهة التحديات(السياسية والاقتصادية)

منطق العقل الاستراتيجي.. ومواجهة التحديات ( السياسية والاقتصادية )
The logic of the strategic mind ..and facing challenges (political and economic))
الدكتور محمد ثابت الكرعاوي
Mohammedthabit222@gmail.com

بينت دراسة العقل الاستراتيجي للدكتور هيثم البشلاوي المدير الاقليمي لمركز الحكمة الكويتي للدراسات والبحوث عندما تفقد الدول سلوكيات ومسارات منطق العقل الاستراتيجي تبقى سفينة الاقتصاد في بحر السياسة، ويذهب المجتمع في مسارات عشوائية الهوية الوطنية، ووفق هذا التوصيف يمكننا صياغة قاعدة أساسية لهذا الطرح بكون من يمتلك منطق استراتيجيا يصبح قادرا على حماية (سيادة للدولة) ،ويكون بالضرورة قادرا على استشراف الأزمات وإدارتها أولا، ومواجهة التحديات ثانيا والتحكم في القرارات الفاعلة ثالثا، مفاد الأمر أن منطق العقل الاستراتيجي للدول حق ذاتي تمنحه لنفسها بقوة هويتها الوطنية، لا امتياز يُمنح ويُسلب على طاولة شبكة المصالح، فهذا الطرح لا يستهدف الوصول لموضوع الدراسة بشكل دقيق ، حيث يُصعب توصيف مصطلح “العقل الاستراتيجي للدولة” المستحدث في سياق الطرح؛ وذلك لعدم وجود إطر للتنظير الأولي في أدبيات العلوم الاستراتيجية ، فهذا الطرح هو مجرد محاولة لتحديد (المنطق السياسي والاقتصادي ) كمقدمة لنسج منطق خلايا العقل الاستراتيجي المستهدف من التنظير؛ لتكون الدولة قادرة على تحديد الأهداف وتقيم النتائج وإدارة إحداثيات التأثير المجال الاستراتيجي لها، وتأمين شبكة مصالحها وفق منظومة استشراف وادراك وإنذار مبكر للأزمات كعامل أساس في تحقيق ثقل الكتلة الحيوية للدولة في مجالها السياسي والاقتصادي
ينبغي أن نستدرك أن تغيير أولويات العقل الاستراتيجي ليس بالضرورة رهن رغبتنا بقدر ما أصبح خاضعا لضرورة وجود صياغة استراتيجية لمواجهة التهديدات الخارجية والتحديات الداخلية، سياسيا واقتصاديا ويمكننا توصيف تلك الضرورة في اعتبارين:
الاعتبار الأول: منظومة استهداف العواقب الاستراتيجية بناء على استعراض مرتكزات العقل الاستراتيجي انتقلت من الاستهداف المباشر (اقتصاديا – وسياسيا) للاستهداف الداخلي من خلال اختراق المجتمع، وهو ما يتوازى مع سيناريو الاختراق الاقتصادي والسياسي من الحروب، وهو ما يتطلب يقظة استراتيجية عالية لمؤسسات الدولة من خلال دوائر وخلايا للفكر الاستراتيجي تتكامل من حيث الأهداف وتتباين من حيث الوسائل.

الاعتبار الثاني: التوجه والوضوح المغلوط بين استراتيجيات التطوير والمنافسة بأدائهم المرحلي كرد فعل لم تعد فاعلة بشكلها المجرد في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية للدولة بل ويمكن استنزافها واستهلاكها؛ لذلك أصبح لزاما على الدول أن تركز على بناء استراتيجيتها كونها تعمل بمنطق رد الفعل واستيعاب وبين كونها من تصنع أو تشارك في صياغة الفروض نفسها بصياغة استراتيجية مركزية تعمل على تحقيق أهدافها وفق مدارات منطق العقل الاستراتيجي مع دول الجوار من اجل حماية سيادة الدولة ومصالحها .
بل ويمكننا أن ندعي بأن عند المستوى الحرج من أزمات المستقبل ستدفع الدول نفسها نحو ضرورة صياغة وجودها الاستراتيجي، ليبدأ عصر جديد من الإدارة السياسية المفروضة واليقظة الاقتصادية بقوة الأزمات، بعد أن يجد العالم نفسه أمام سلسلة من الأزمات تبدأ بالأزمات البيولوجية وصراع سباق التكنولوجيا، وتنتهي بنظرية جديدة لإدارة للعالم، وسواء كنا داعمين لتلك الضرورة من عدمه، فكل ما ينبغي علينا إدراكه أن صناعة عقل الدول ليس من دواعي الامتنان ، فإدارة الدولة كمفهوم إجرائي لم يعد سوى مجرد بناء علمي بالنسبة للمستقبل الذي لا يتفهم سوى القدرة الشاملة كقاعدة أساس لاستراتيجية الدولة، وبهذا لن يكون العقل الاستراتيجي للدولة مجرد هدف يُحقق داخل دائرة صناعة القرار بالدولة، بل سيصبح بمثابة معايير تنافسية المستقبل ليس على المستويين الاقتصادي والسياسي فحسب، ولكن حتى في بناء المجتمعات ورؤية استراتيجية الدولة ككل، وعلى ذلك فإن محاولة توصيف وصياغة مصطلح (العقل الاستراتيجي) في هذا الطرح لا ينحاز لإيثار سياسي كمعيار، بل للهوية الوطنية كقاعدة أساس لتشكيل نموذج الهيكلية المقترحة لبناء منطق اقتصادي سياسي يواجه جميع التحديات التي تواجه سيادة الدولة ..
حيث ان مفاد الأمر أن العقل الاستراتيجي للدول هو تأصيل للفكر السليم وهو التجسيد العاقل للمنطق الحيوي للدولة.. وهو مرتكز اساسي لتعزيز الأمن والتنمية المستدامة وكذلك التغيير والاستقرار وهو بكل امتياز نموذج محاكاة المستقبل.. أو إن صح التوصيف حاضنة إدارة المستقبل” في مواجهة جميع التحديات ومنها السياسية والاقتصادية ….ومن خلال ذلك يمكننا ان نختم ونستعرض في هذا المقال انموذج مقترح في سياق الطرح (هرمية العقل الاستراتيجي للدولة ) للوقوف على دراسة اولية لتوصيف هيكلية بناء الدولة وابعادها كنموذج استرشادي بحاجة لمزيد من البحث لتوصيف دقيق لمدخلات خلايا عقل الدولة ومخرجاتها فتوصيف العقل الاستراتيجي الذي نستهدفه في النموذج المقترح يتماثل في توصيف الدولة بكونها كائنا استراتيجيا يتشكل وفق نموذج هرمي ثلاثي الأبعاد ، لنجد أن أبعاد هذا الهرم ترتكز في القاعدة للبعد الاجتماعي، ويندرج مستوى القمة بعد السيادة السياسية للدولة ، مع وجود بعد وسيط بين البعديين وهو البعد الاقتصادي للدولة

Comments (1)

  1. م.أسعد الياسري:

    مقالة بمفاهيم تخصصية عميقة تُمثل خطوة أولى لبحث ودراسة مُعمَقة لموضوع غاية في الأهمية يَنّظُر لآلية وفهم جديد لمنطق العقل الإستراتيجي للدولة .. أُمنياتنا لكم د. محمد الكرعاوي بدوام التميز والتوفيق لما فيه خير الدنيا والآخرة .

Comment here