أعمار العراق: ماذا يتطلب؟

أعمار العراق: ماذا يتطلب؟

د. كمال البصري

المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي

2 نيسان 2013

  

اولا: تداعيات العملية السياسية

مر على التغير السياسي في العراق عشرة سنوات حضى خلالها بخيار الديمقراطية والتعددية ولكن بشكل مؤسف وبسبب العوامل التي احاطت بالعملية السياسية لم يوفق العراق بتطبيق مفردات الادارة الرشيدة المتمثلة باعتماد الكفاءات ووضع الفرد المناسب في المكان المناسب، الرؤية الستراتيجية، الشعور بالمسؤولية، اعتماد الشفافية، تأمين سيادة القانون، ضمان المشاركة والقبول بالأجماع وتحقيق المساواة. لقد أدى غياب مفردات الادارة الرشيدة الى ضعف الاداء واستمرار ضعف الخدمات الحكومية واحتقان التنمية.  كما ساهم عدم التوافق السياسي داخل الحكومة وفي اروقة البرلمان بتعطيل او التأخير في تشريع وتنفيذ القوانين والاجراءات الضرورية.  وبسب تنامي شعور المواطن بعدم المساواة في الاستفادة من الحقوق العامة خلقت اضطرابات وخرق لسيادة القانون وهي امور بالغة الخطورة ويصعب التكهن بها وبأبعادها.

مؤخرا اتصف المشهد الاقتصادي العراقي بأزمة تتجسد بتأخر اقرار الموازنة الاتحادية لعام 2013. ان تأخر الاقرار يعني حبس صرف التخصيصات المالية للمشاريع الاستثمارية الضرورية لتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين.  وهذه لم تكن المرة الاولى بل هي المرة التي تجاوزت الفترة الحد المعقول، اضف الى ماتقدم بات الامل في انفراج الازمات السياسية وانعكاساتها السلبية على العجلة الاقتصادية بعيدا عند اكثر الناس تفاؤلا.  ان الخلافات السياسية القائمة هي ليست خلافات على البرامج الاقتصادية للكتل المتنافسة فبشكل مؤسف تغيب عن الكتل السياسية برامج اقتصادية تتعلق بالاعمار ورفع مستوى معيشة المواطن بل ان الخلافات هي اقرب الى خلافات شخصية مزاجية وقد تكون ذات طابع فئوي او طائفي او قومي.

وعلى الرغم من ان العراق قد حقق بفضل الثروة النفطية موارد مالية كبيرة اذ بلغ مجموع الايرادات العامة 463.71 ترليون دينار من 2004 لغاية 2011، إلا أنه لم يوفق في تسخير تلك الموارد بشكل كفؤ في اشباع احتياجات المواطن الاساسية (وفق تقارير وزارة التخطيط). وفي التقارير الدولية شُخِّصَ العراق عالمياً بأنه واحد من أربع دول لم تستطعْ اجهزتها الحكومية في تلبية احتياجات مواطنيها (BROOKINGS GLOBAL ECONOMY AND DEVELOPMENT- Index Of State Weakness) .  لقد بلغ الانفاق الاستثماري مبلغ 145.111 ترليون دينار (منذ عام 2004 لغاية 2011) وتم انفاق مبلغ 87.711 ترليون دينار(مع السلف) لنفس الفترة ولكن نسبة التنفيذ الاجمالية تبلغ 60.44%.

ثانيا:الآثار المترتبة على تخلف الاعمار:

ترتب على ضعف الخدمات الحكومية مشاكل اجتماعية واقتصادية ومن ثم الى تحديات سياسية. ففي مسح أجرته وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي (UNDP) لعام 2007 والصادر عام 2011، تضمَّن هذا المسح نسب الحرمان (% ألاسر ) حسب الميادين بحسب المؤشرات الستة وهي: الحالة الاقتصادية، الحماية والامان الاجتماعي، التعليم، الصحة، البنى التحتية، والحالة السكنية، وهي كما يلي:

*   الوضع الاقتصادي 11.6% منخفض جداً، 20.6% مجرد منخفض.

*   الحماية والامان الاجتماعي 13.9% منخفض جداً، 18.8% منخفض.

*   التعليم 8.3% منخفض جدا، 19.6% منخفض.

*   الصحة 7.6% منخفض جدا، 19.2% منخفض.

*   البنى التحتية 20.7% منخفض جدا، 32% منخفض.

*   المسكن 6.9% منخفض جدا، 21.8% منخفض.

وعلى مستوى عدد الميادين التي تعاني العوائل من الحرمان فيها، فقد بينت الدراسة ان 21% من العوائل لا تعاني حالة حرمان، و44% منها تعاني حالة حرمان في ميدان واحد او ميدانين، و16.1% تعاني حالة حرمان في ثلاثة ميادين، و 10.9% تعاني حالة حرمان في اربعة ميادين، و6.3% تعاني حالة حرمان في خمسة ميادين، و2.1% تعاني حالة حرمان في ستة ميادين. فيمكن ان نستخلص من هذه المؤشرات أن 2% من العوائل هي الافضل حالا، وحوالي 20% يمكن اعتبارهم بمثابة الطبقى الوسطى، وحوالي 50% تعيش حالة حد الكفاية، و28% تعيش حالة الحرمان.

أما على مستوى الخدمات الاساسية فقد بينت الدراسة مايلي:

••      بشكل عام تحصل الأسر ما معدله 14.6 ساعة من الكهرباء يومياً من خلال شبكة الكهرباء العامة و المولدات     الكهربائية، 90% من الأسر تحصل على ما ينقصها من الكهرباء من المولدات الكهربائية الخاصة.

••       تقدر 79% من الأسر خدمة الكهرباء على أنها “سيئة أو “سيئة جداً”.تعتقد 35% من الأسر أن الكهرباء يجب أن تكون أهم أولويات

••      تستخدم 65% من الأسر شبكة المياه العامة كمصدر رئيسي لمياه الشرب، ولكن تنخفض هذه النسبة بشكل كبير في المحافظات الجنوبية بسبب ملوحة المياه. تستخدم فقط 47% من الأسر في الريف شبكة المياه العامة كمصدر رئيسي للحصول على المياه مقارنة بــ     72% في المناطق الحضرية.

••       بلغ نسبة السكان المخدومين بخدمة شبكات المياه العادمة (26%) لسنة 2011 ، وان (57.3%) من السكان مخدومين بنظام معالجة مستقلة (سبتك تانك)  ، أما السكان غير المخدومين فقد بلغت نسبتهم (16.7%) .

••      بلغ عدد المستشفيات في العراق (حكومي وأهلي) (236) في عام 2011، عند مقارنة مؤشر عدد ذوي المهن الطبية مع عدد السكان نجد إن عدد السكان لكل طبيب (1354) شخص / طبيب في عام 2011 مقابل (1402) شخص / طبيب في عام 2010 أي إن حصة الطبيب الواحد من السكان انخفض بنسبة (3.4%) , في حين انخفضت حصة طبيب الأسنان الواحد من السكان عن السنة السابقة بنسبة (6.1%) , أما بالنسبة لحصة الصيدلي الواحد من السكان فقد انخفضت عن العام السابق بنسبة قدرها (4.3%) وكذلك بالنسبة لمؤشر شخص / سرير التي انخفضت بنسبة قدرها (4.1%) مع إقليم كردستان .

اما على الصعيد الاقتصادي فيمكن التعرف على  واقعه من خلال التمعن في مكونات الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية لعام 2011، فتشكل القطاعات بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي كما يلي: النفط 54.74% ،الزراعة  4,15 ٪ ،الصناعة حوالي 1.83 ٪، الماء والكهرباء 1.26%، البناء والتشيد 4.49%، النقل والمواصلات والخزن 4.86%، تجارة الجملة والمفرد 6.57%، المال والتأمين وخدمات العقار 8.52%، خدمات التنمية الاجتماعية والشخصية 13.14%. من ذلك يتضح اعتماد الاقتصاد العراقي على قطاع النفط. وشكل القطاع الخاص ما نسبته 34% من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2010 وحظي القطاع الخاص بنسبة ضئيلة من تكوين رأس المال (6.4% عام 2010) بسبب الوضع القائم وتحول اغلب الصناعيين من الصناعة الى التجارة وذلك لصعوبة بيئة العمل (المشار اليها اعلاه) والرغبة في تحقيق ربح سريع. لقد ادى ضعف القطاع الخاص الى انخفاض  مساهمته القطاع  في امتصاص حجم البطالة التي بلغت 11.7% عام 2010 (حسب احصاءات وزارة التخطيط) .

ثالثا:عوامل تخلف اعادة الاعمار

للوقوف على عوامل تخلف اعادة الاعمار اجرى المعهد العراقي للأصلاح الاقتصادي دراستين الاولى في عام 2008 والثانية عام 2011. وكان من ابرز العوامل هي : 

*    عوامل خارجية: بمعنى خارج قدرة المؤسسة في التأثير عليها، وتتمثل بتأثير الظروف الامنية، وقيود ضوابط مؤسسات الرقابة، وغياب البنى التحتية الضرورية لاداء الاعمال، وتأخر اقرار الموازنات العامة، القوانين والاجراءات غير المرنة، وضعف سيادة القانون بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها العملية السياسية. أضف الى ما تقدم ساهم ضعف القطاع الخاص المتعاقد معه اثر بالغا في تلكأ تنفيذ المشاريع خاصة عند زادت حجم المشاريع والعقود.

*      عوامل داخلية: بمعنى أنها خاصة بالمؤسسة المنتجة للخدمات، وتتمثل بضعف تطبيق متطلبات الحكم الرشيد المتمثلة بعدم :الشفافية في اتخاذ القرارات، اعتماد الكفاءات، التخطيط بعيد المدى …الخ،  وقد إنعكس ضعف الحكم الرشيد على عدم وجود المعرفة الفنية في ادارة المشاريع (لجان فتح وتحليل العطاءات، دائرة المهندس المقيم، ضعف الامكانات الفنية من مختبرات واجهزة قياس )، وغياب حوافز الشعور بالمسؤولية، ومركزية النظم الادارية وتعقيداتها، حيث أدت كل هذه العوامل وغيرها الى تأخر وعدم الاتقان بالعمل.

*    عوامل ضعف العمل التكاملي بين المؤسسات العامة والخاصة: تتمثل بالعوامل المتعلقة بالتنسيق بين دوائر الدولة المختلفة، وتشمل على سبيل المثال: ضعف تعاون أجهزة الدولة فيما بينها في موضوع تخصيص الاراضي، وفي قرارات إطلاق صرف التخصيصات المالية (وزارة التخطيط)، وصرف التخصيصات الحكومية (وزارة المالية)، وفتح الاعتمادات (البنك المركزي والمصرف التجاري العراقي) … الخ.

لغرض تجاوز الاخفاقات المتتالية وتجنب الاضطرابات الاجتماعية والسياسية المحتملة، فان المطلوب حالا البحث عن وسائل بديلة لالية التعاقد الحالية واستبدالها قدر الامكان بنموذج عقود تعرف بعقود مشاركة القطاع الخاص للعام.  وهي ليست اقل كلفة من الية التعاقد الحالية ولكن لها مميزات منها اكمال واتقان العمل في اطار زمني متفق عليه، وان لها في ظروف العراق الحالية ميزات اخرى مثل توفير مخصصاتها المالية بعيدا عن اقرار الموازنة كما وتعمل على نقل التكنلوجيا بشقيها الفني والاداري. ان هذه العقود الان تستخدم في كافة دول العالم الفقيرة والغنية على حد سواء ولذلك يجب اعتبارها خيارا ستراتيجيا.  اخيرا  ان مثل هذه العقود لم يجري العمل بها خلال العشر سنوات الماضية ولانتوقع ان يتم استخذامها بشكل كفؤ في ضل مؤسسات لا تتسم بالحكم الرشيد.   

وبالنظر لاهمية العوامل الداخلية فسوف نسلط الضوء على اثر عدم اعتماد الكفاءة والتخطيط الستراتيجي.:

أ.  إعتماد الكفاءات شجعت العملية السياسية على خلق حالة من السلبية تتمثل بأحقية المحاصصة على أحقية الكفاءة ووضع الفرد المناسب في المكان المناسب، وقد إنعكست داخلياً على ضعف الاداء الاداري في المرافق المختلفة وضعف الانجاز الاقتصادي فعلى سبيل المثال (ضعف نسب تنفيذ المشاريع الاستثمارية ، وتأخر القيام بالاصلاحات الضرورية)،  وخارجياً بغياب المفاوض الذي يستطيع تناول الشأن العراقي بجدارة للحصول على حقوق العراق، أو أغتنام الفرص المناسبة، او نقل التجارب المفيدة. على سبيل المثال: التفاوض لدخول منظمة التجارة العالمية لتحقيق أكبر قدر من الاعفاءات والسماحات لصالح العراق، والتفاوض لحل مشكلة المياه مع تركيا، تلك الدولة (التي وفر لها العراق فرصاً إقتصادية لم توفرها دول اخرى على مرِّ التاريخ، إذْ بلغت قيمة العلاقة الاقتصادية لصالح تركيا 13مليار دولاراً على أقل تقدير).  ويمكن تفهم المبررات والدوافع في بداية العملية السياسية إلا أنَّ الاستمرارها شيءٌ اخر، ونجد هناك الإصرار على المزيد منها بلغة الاصلاح السياسي والمشاركة.  يا تُرى مَنْ يرضى ان يأتمن رأسمال شركته لجهة لا تتمتع بالكفاءة؟ ولماذا نقبل اذا ان تدار موارد العراق الحكومية (التي بلغت عام 2012 بحدود 100 مليار دولار) من قبل مؤسسات يغيب عنها الفرد المناسب من المكان المناسب!

ب.  تبني ستراتيجية اقتصادية: أدى غياب التكنوقراط بالكمية والنوعية المطلوبة وعدم التوافق السياسي الى غياب او تأخر إعداد ستراتيجية اقتصادية متفق عليها من شأنها رفع المعانات والفقر والحرمان.  لقد تأخَّر إصلاح المؤسسات الاقتصادية (مثلا شركات وزارة الصناعة)، وتأخر إصلاح المصارف الحكومية (الرافدين والرشيد) اللذان يمثلان العامل الضروري لنمو الاقتصاد والقطاع الخاص،  وتأخر إصلاح سياسة الدعم الاقتصادي الحكومي (البطاقة التموينية)، وتأخر الإنضمام الى منظمة التجارة العالمية مما أدّى الى عدم مجارات التشريعات والممارسات الاقتصادية العالمية،  وتعذر اجراء التعداد السكاني الضروري الى فترة زمنية مجهولة  اثر على تخطيط مشاريع التنمية. على الرغم من البعد الستراتيجي للقطاع الخاص كما نصَّ عليه الدستور فإن الاداء الاقتصادي منذ عام 2004 ولغاية الان يشير الى ان نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي إصبحت اقل مما كانت عليه سابقاً (وذلك بسبب ضعف التكوين الرأسمالي لدى القطاع الخاص)،  -كما لا زالت الموازنة الاتحادية بعيدة عن التخطيط الاقتصادي السليم، وكذلك ادى غياب قوانين مهمة مثل قانون النفط والغاز والذي يمثل ركيزة إستراتيجية مهمة بسب عدم التوافق السياسي منذ 2007 ، وقوانين اخرى لا تقل أهمية عن قانون النفط والغاز، بل حتى التي منها حظي بالتشريع غاب عنه التنفيذ مثل قانون التعرفة الكمركية، وحماية المستهلك، وحظر الاحتكار، وقانون تأسيس مصارف التنمية الاقليمية الذي نص عليه قانون الموازنة في عام 2006 (لأنها جميعا شرعت دون دراسات الجدوى بالمعنى المهني).  أخيراً على الرغم من أهمية النظام اللامركزي للمحافظات كما نص عليه الدستور الا انه لم يتم إصدار القوانين والتعليمات الضرورية لتمكين المحافظات من أداء أعمالها بمرونة عالية.

  

رابعا:الواقع والحلول المقترحة

الحقيقة ان ما نحن عليه اليوم هو تحصيل حاصل ” كيف ما تكونوا يولى عليكم”. على الرغم من ان الادارة السياسية قد انتقلت الى الزعامات العراقية بعد منتصف 2004 الا انه ولحد الان لا نجد خططاً اقتصادية محكمة، فالخطط الحالية مجرد رغبات فردية للمسؤولين لم تصاحبها دراسات الجدوى الاقتصادية، ولا التخطيط الاداري، وغاب عنها التنسيق.  كما لا يوجد مجلس اقتصادي يستنير بالكفاءات العراقية (في الداخل والخارج) لرسم السياسات المالية والاقتصادية والفنية.  في هذا المجال لابد من القول ان العراق كان ولا يزال مؤهلاً للاستفادة من الخبرات الاجنبية، الا انه كان يفتقر لاقتطاف هذه الفرص بشكل سليم. فبالرغم من وجود عدد كبير من الاستشاريين التابعين للمؤسسات الدولية الا انهم يفتقدون المبادرة والتوجيه والمتابعة السليمة من المسؤولين.  والاكثر من ذلك نظمت العديد من الدورات التأهيلية ورشح لها من لاقدرة له على استيعاب المناهج التدريبية وغاب عن مسؤوليهم متابعة نتائج هذه الدورات . الامر الذي أدى الى هدر كثير من الطاقات والامكانات وضياع الوقت.   مع ان الكفاءات العراقية موجودة في شتّى بقاع العالم، الا انه لم تكن هناك مساعٍ جديةٍ لاستقطابهم، وكان من الأجدر العمل على تأسيس هيئة للكفاءات العراقية على غرار الهيئات التي شكلت مؤخراً، فغياب مثل هذا الهيئة  يعني استمرار هدرا للمال من خلال إدارات غير كفوءة .

امام هذا المأزق هناك خيارات ثلاث متاحة لادارة الاعمار وهي: حكومة الشراكة الوطنية او حكومة الكتلة ذات الاغلبية بالانتخابات، او حكومة تكنوقراط. لقد كشفت السنوات الماضية بصريح العبارة عن عجز كبير لحكومة الشراكة الوطنية في تناول المشكلات الاقتصادية المختلفة مما اضطر البعض بالتفكير عن بديل لحكومة الشراكة الوطنية بحكومة الاغلبية النيابية. ليس من الصعب ان نتكهن بفشلها مادامت الاسباب التي ذكرناها سابقا قائمة. فنحن لانعتقد ان النسيج الواحد للكتل السياسية متناسقا او متكاملا بل في واقع الحال متناقضا يحمل في ثناياه فشل في ادارة الملف الاقتصادي.  

عليه يبقى امامنا خيار حكومة تكنوقراطية لها صفة الاستقلالية والكفاءة المهنية وبعيدة عن تجاذبات الكتل السياسية التي يعيشها مجلس الوزراء بشكل خاص والحكومة بشكل عام.  في حالة عدم الاتفاق على حكومة تكنو قراط، وازاء ما تقدم نجد من الضروري التفكير في اسلوب اخر مناسب لادارة شؤون الاعمار.  في السابق أقدمت الحكومة العراقية  في العهد الملكي بالتفكير بمشروع “مجلس الاعمار وشُرع له قانون مِن قِبل المجلس النيابي في 25 أبريل 1950، وكان بمقترح مِن وزير المالية انذاك عبد الكريم الأُزري. تأسس هذا المجلس كمؤسسة مستقلة مسؤولة عن تصميم وتنفيذ المشاريع العمرانية. وقد نص قانون المجلس ابتداءا على تخصيص إيرادات النِّفط كلها لمشاريع الإعمار، الا ان القانون غيَّر بتخفيضها الى (70%) مِن إيرادات النِّفط، على ان يذهب الباقي إلى الخزينة العامة لتسديد شؤون الدَّولة.  وكان يترأس المجلس رئيس الوزراء وبعضوية وزير المالية وكفاءات عراقية واجنبية. وكان دور المجلس قيادي بالاعمار ويتقدم على دور الوزارات.

 المطلوب حاليا قيام الحكومة: باصدار قانون بالمجلس :

•1.    يخصص حصة من الايرادات المالية النفطية لاغراض الاستثمار والاعمار

•2.    تكون تحت تصرف مجلس الاعمار الذي يعمل بخطط تم اقرارها من قبل مجلس الوزراء ومجلس النواب،

•3.    ويمنح المجلس صلاحية التعاقد مع الافراد والشركات لتصميم وتنفيذ المشاريع.

•4.    يشترط تمتُّع جميع فعاليات المجلس بشفافية عالية من خلال الموقع الالكتروني الخاص به، إضافة الى نشر المعلومات في الاعلام المقروء والمسموع.

•5.    يشترط في قانون المجلس ان يتحلى جميع  أعضاءه ومنتسبيه بكفاءات علمية وعملية متميزة قبل اشغالهم الوظيفة.

•6.    يعتبر المجلس الذراع الفني الذي ينبغي للوزارات والمحافظات الاعتماد عليه في تسير الامور الفنية المختلفة.

هنالك اكثر من سيناريو لتنفيذ هذه الفكرة تتراوح بين تطبيق مقترح  تأسيس مجلس الاعمار او التعاقد مع شركات عالمية  متميزة مثلا  شركة متسوبيشي ، هونداي ، GE Capital، كما هو معمول به في مختلف دول العالم ونحن في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي سنجري ورشة عمل لتطوير هذه الافكار.

Comment here