تطوير التعليم العالي والبحث العلمي في العراق وفق معايير الجودة

تطوير التعليم العالي والبحث العلمي في العراق وفق معايير الجودة
Quality standards
أ‌.د. زهير الحسني. استاذ القانون الدولي . مستشار.

وأما العراق فمنار الشرق وسرة الارض وقلبها ،اليه تحادرت المياه وبه اتصلت النضارة وعنده وقف الاعتدال فصفت امزجة اهله ولطفت اذهانهم واحتدت خواطرهم واتصلت مسراتهم فظهر منهم الدهاء وقويت عقولهم وثبتت بصائرهم. وقلب الارض العراق وهو المجتبى من قديم الزمان وهو مفتاح الشرق ومسلك النور وصرح العينين ومدينة المدائن وما والاها. ولأهله اعدل الالوان وانقى الروائح وافضل الامزجة واطوع القرائح وفيهم جوامع الفضائل وفوائد المبرات ، وفضائله كثيرة لصفاء جوهره وطيب نسيمه واعتدال تربته واغداق الماء عليه ورفاهية العيش به .المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر تنشد المنظمة الدولية للمواصفات والمقاييس iso  ومقرها جنيف اصدار قوائم  المواصفات العالية في مجال الصناعة والخدمات بغية تسهيل التبادل التجاري في السلع والخدمات وفق تلك المواصفات. ويعتبر الرقم 9000 تعبيرا عن سلسلة المواصفات التي تتعلق بإدارة الجودة في المؤسسات الانتاجية والخدمية حيث تطبق هذه المواصفات على المنتوج والخدمة. ويعني الالتزام بتلك المواصفات بمثابة شهادة على حسن النظام والادارة التي تشكل ادارة الجودة الشاملة مما يسهل دخولها الاسواق العالمية. وينبغي تطبيق الجودة الشاملة من خلال توفير الثقافة التنظيمية الملائمة عبر القيم والادوار والسلوك والعادات التي يملكها افراد التنظيم والتي تؤثر على طريقة ادائهم لوظائفهم والايمان ببذل الجهد المطلوب لتحقيق استراتيجية المنظمة بتطوير البنى الاساسية والاداء الوظيفي بتطبيق رسالتها وبلوغ اهدافها الرئيسة . ولا يتحقق اي تطوير الا من خلال التغيير في الوسائل والاداء. ويعتبر كل من  التمكين empowerment والتفويض delegation  الدافع الغريزي للأبداع والتطوير عبر التغييرات الملائمة التي يحتاجها التطوير. وتعمل فرق العمل المفوضة باتخاذ القرار على وضع العصا وراء العجلة لا امامها حيث تتراجع الثقافة السلبية امام روح المبادرة التي يخلقها هذا التمكين و هذا التفويض، حيث يتبوأ الشخص المناسب المكان المناسب من خلال المبادرة والتصميم على اتخاذ القرار. واذا كان من الضروري التمييز بين نظام ادارة الجودة الشاملة ومن المقاييس والمواصفات الفنية للسلع والخدمات لغرض ضمان الانتاج وفق مقاييس محددة ،فانه لا يمكن الفصل بينهما حيث ان ادارة الجودة هو للالتزام السبيل الافضل بالمقاييس والمواصفات الفنية. وبالنظر لما يعانيه التعليم العالي والبحث العلمي في العراق من مشاكل في ادارة العملية التعليمية والبحثية من جهة وفي انتاج الاستاذ الجيد والطالب الجيد والبحث العلمي الجيد من جهة اخرى, فان الضرورة تقتضي تأسيس نظام لإدارة الجودة وتطبيقه وتطويره من خلال تامين الموارد المالية اللازمة وتدريب الاطقم الادارية والتعليمية وجمع البيانات اللازمة ومراجعة ومراقبة تشغيلها من قبل اجهزة تؤمن بأهميتها وضرورتها. ويعتبر تصميم ادارة الجودة من اول مستلزمات احتواء المقاييس والمواصفات العلمية والتعليمية من اجل النهوض بالمستوى العلمي للتعليم العالي والبحث العلمي وفق معايير الدولية (سوسن شاكر مجيد ومحمد عواد الزيادات. ادارة الجودة الشاملة تطبيقات في الصناعة والتعليم. دار صفاء للنشر والتوزيع .عمان 2007 ويخضع تطوير التعليم العالي في العراق لمجموعة من الموجبات الضاغطة باتجاه استراتيجية جديدة للتعليم العالي والبحث العلمي تقوم على اساس من التحول الجذري من سياسة تقليدية تجعل للتعليم العالي كمصدر لأعداد خريجين يحملون شهادات جامعية لا يستجيب لها سوق العمل في العراق المشبع بجهاز اداري متضخم ومترهل. بل غدا هذا الجهاز غير قادر على استيعاب الاعداد المتزايدة من حملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه خاصة الذين لا يحملون مؤهلات عملية تتطلبها حاجات التنمية الدائمة في ظل سياسة جديدة تتوجه نحو اقتصاد السوق. ويعود عدم التناغم بين مخرجات الجامعات العراقية ومتطلبات سوق العمل الى طبيعة النظام التعليمي في العراق القائم على اسلوب التعليم التلقيني المحشو بالمعلومات النظرية والمفتقر الى المعارف والمهارات التطبيقية بحيث تقوم ثقافة الخريجين على التوجه نحو الوظيفة العامة التي توفر استقرارا وظيفيا وتقاعدا مضمونا بعيدا عن روح المغامرة والابداع والابتكار ,وهذا يعني تعطيل المعرفة وتجميد القدرات في ظل ثقافة الاقتصاد المركزي والقطاع العام العاجز عن تلبية حاجات التنمية المتسارعة. وللانتقال من توجيه تعليمي توظيفي الى نظام تربوي معرفي يستجيب لمتطلبات العلوم التطبيقية والمهنية التي تتجاوب وحاجات السوق, فانه ينبغي عصرنة المؤسسات الجامعية من جهة واعطاء الاولوية للمعاهد العليا المتخصصة والاهتمام بتدريب الكوادر الوسطى من خلال المعاهد الفنية متعددة الاختصاصات على نمط معاهد المهن الشاملة في الاقطار العربية وهيئة التعليم التقني جهة أخرى. وتتطلب الرؤية الجديدة لاستراتيجية التعليم العالي في العراق وحسب متطلبات الجودة الآتي: للاطلاع على المزيد اضغط هنا

Comment here